(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) (٨)
إن عدّيت وجدنا إلى مفعولين فملئت في موضع المفعول الثاني وإن عديتهما إلى واحد أضمرت «قد». قال أبو جعفر : والأول أولى وشهب في الكثير ، وفي القليل أشهبة.
(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٩)
(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) لم ينصرف لأنه لا نظير له في الواحد وهو نهاية الجمع. (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) شرط ومجازاة.
(وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (١٠)
أحسن ما قيل فيه إن المعنى : لا ندري أشرّا أراد الله بمن في الأرض حين منعنا الاستماع من السماء أم أراد بهم ربهم أن يرسل إليهم رسولا فيرشدهم هذا مذهب ابن زيد ، وكانت هذه من علامات نبوته صلىاللهعليهوسلم أنه شدّد على الشياطين في استماعهم من السماء ورموا بالشهب.
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) (١١)
لمّا سكنت النون من «من» استغنيت عن زيادة نون أخرى فإذا قلت : منّي فالاسم الياء وزدت النون لئلا تكسر نون «من» (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) الواحدة طريقة ويقال : طريق وطريقة ، وفلان على طريقة فلان : وفلان طريقة القوم أي رئيسهم والقوم طريقة أيضا ، وإن شئت جمعت.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (١٢)
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) الظن هاهنا يقين. (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) مصدر في موضع الحال.
(وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) (١٣)
(وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ) على تذكير الهدى ، وهي اللغة الفصيحة. وقد تؤنث (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) وقراءة يحيى بن وثاب والأعمش (فَلا يَخافُ) (١) على النهي.
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) (١٤)
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) قسط إذا جار ، هذا الأصل ثم يزاد عليه الألف فيقال: أقسط إذا أزال القسوط أي عدل.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ٣٤٤.