(كَلاَّ لا وَزَرَ) (١١)
وهو الملجأ فقيل : وزير مشتقّ من هذا ؛ لأن صاحبه قد سلم إليه أموره فلجأ إليه واعتمد عليه ، وقيل : لأن أوزار ما يتقلّده صاحبه بيده والأوزار ما كان من الذهب والفضة وغيرهما.
(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) (١٢)
قال قتادة : المنتهى.
(يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (١٣)
من أحسن ما قيل فيه قول قتادة قال : بما قدّم من طاعة الله جلّ وعزّ وأخّر من حقّه ينبأ به كلّه ، وقد روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس بما قدّم من خير أو شرّ بعده.
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤)
مشكل الإعراب والمعنى ، فقول ابن عباس سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه شاهدة عليه. قال أبو جعفر : فعلى هذا القول (الْإِنْسانُ) مرفوع بالابتداء و (بَصِيرَةٌ) ابتداء ثان و «على نفسه» خبر الثاني والجملة خبر الأول. وشرحه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقباء تحفظه وتشهد عليه فهذا قول وقول سعيد بن جبير وقتادة : إن الإنسان هو البصيرة. قال سعيد بن جبير : الإنسان والله بصيرة على نفسه ، وقال قتادة : تراه والله عارفا بذنب غيره وعيبه متغافلا عن نفسه فعلى هذا القول «الإنسان» مرفوع بالابتداء و «بصيرة» خبره فإن قيل : لم دخلت الهاء والإنسان مذكّر؟ ففيه جوابان أحدهما أن الهاء للمبالغة كما يقال : رجل راوية وعلّامة وقيل : دخلت الهاء لأن المعنى بل الإنسان حجّة على نفسه.
(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥)
جمع على غير قياس عند سيبويه (١) لأن عذرا ليس جمعه معاذير وإنما معاذير جمع معذار.
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١٧)
(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١٧) فيضمن الله جلّ وعزّ جمعه فبهذا كفّر الفقهاء من زعم أنه قد بقي منه شيء لأنه ردّ على ظاهر التنزيل ، وسئل سفيان بن عيينة كيف غيّرت التوراة والإنجيل وهما من عند الله؟ فقال : إن الله جلّ وعزّ وكل حفظهما إليهم فقال جل ثناؤه (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ)] المائدة : ٤٤] ولم يكل حفظ القرآن إلى أحد
__________________
(١) انظر الكتاب ٣ / ٢٥٠.