ولسائل أن يسأل : لما ذا يتقيد علي بكتاب الله وسنة رسوله بينما اضطر أبو بكر وعمر وعثمان للاجتهاد والتغيير؟
والجواب هو أن علياً عنده من العلم ما ليس عندهم وأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خصّه بألف باب من العلم يفتح لكل باب ألف باب (١) وقال له :
«أنت يا علي تبيّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي» (٢).
أما الخلفاء فكانوا لا يعلمون كثيراً من أحكام القرآن الظاهرية فضلاً عن تأويله فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما في باب التيمم بأن رجلاً سأل عمر بن الخطاب أيام خلافته فقال : يا أمير المؤمنين إني أجنبت ولم أجد الماء فما ذا أصنع؟ قال له عمر : لا تصل!! وكذلك لم يعرف حكم الكلالة حتى مات وهو يقول وددت لو سألت رسول الله عن الكلالة بينما حكمها مذكور في القرآن الكريم ، ولذا كان عمر الذي يقول عنه أهل السنة والجماعة بأنه من الملهمين على هذا المستوى العلمي ، فلا تسأل عن الآخرين الذين أدخلوا البدع في دين الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير سوى اجتهادات شخصية.
ولقائل أن يقول : إذا كان الأمر كذلك فلما ذا لم يبيّن الإمام علي للأمة ما اختلفوا فيه بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والجواب هو : أن الإمام علياً لم يأل جهداً في تبيين ما أشكل على الأمة وكان مرجع الصحابة في كل ما أشكل عليهم فكان يأتي ويوضّح وينصح فكانوا يأخذون منه ما يعجبهم وما لا يتعارض مع سياستهم ويدعون ما سوى ذلك والتاريخ أكبر شاهد على ما نقول.
__________________
(١) كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٢ رقم الحديث ٦٠٠٩ وكذلك في حلية الأولياء ينابيع المودة ص ٧٣ و ٧٧ تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٢ ص ٤٨٣.
(٢) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٢٢ تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٢ ص ٤٨٨.