والحقيقة هي : لو لا علي بن أبي طالب والأئمة من ولده لما عرف الناس معالم دينهم ، ولكن الناس كما أعلمنا القرآن لا يحبون الحق فاتبعوا أهواءهم واخترعوا مذاهب في مقابل الأئمة من أهل البيت الذين كانت الحكومات تحسب عليهم أنفاسهم ولا تترك لهم حرية التحرك والاتصال المباشر.
فكان علي يصعد على المنبر ويقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني ، ويكفي علياً أن ترك نهج البلاغة ، والأئمة من أهل البيت سلام الله عليهم تركوا من العلم ما ملأ الخافقين وشهد لهم بذلك أئمة المسلمين سنة وشيعة
وأعود للموضوع فأقول على هذا الأساس : لو قدّر لعلي أن يقود الأمة ثلاثين عاماً على سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لعم الإسلام ولتغلغلت العقيدة في قلوب الناس أكثر وأعمق ولما كانت فتنة صغرى ولا فتنة كبرى ولا كربلاء ولا عاشوراء ، ولو تصوّرنا قيادة الأئمة الأحد عشر بعد علي والذي نص عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والذين امتدت حياتهم عبر ثلاث قرون لما بقي في الأرض ديار لغير المسلمين ولكانت الأرض اليوم على غير ما نشاهده اليوم ولكانت حياتنا إنسانية. بمعناها الحقيقي. ولكن قال الله تعالى :
(الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (١) وقد فشلت الأمة الإسلامية في الامتحان كما فشلت الأمم السابقة كما نص على ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) في العديد من المناسبات ، كما أكد عليه القرآن الكريم في العديد من الآيات (٣).
__________________
(١) سورة العنكبوت آية ٢.
(٢) كحديث إتباع سنة اليهود والنصارى شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. أخرجه البخاري ومسلم وسبقت الإشارة إليه وكحديث الحوض الذي يقول فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.
(٣) كقوله تعالى : (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) آل عمران : آية ١٤٤.
وكقوله له سبحانه وتعالى : (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخدوا هذا القرآن مهجوراً ...) الفرقان آية ٣٠.