أبو بكر وعمر من قصة أسامة بن زيد الذي بعثه رسول الله في سرية ، ولما غشي القوم وهزمهم لحق رجلا منهم فلما أدركه قال : لا إله إلا الله! فقتله أسامة ، ولما بلغ النبي ذلك قال : يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قال : كان متعوذا. فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (١).
ولكن هذا لا يمكن أن نصدق بحديث «كتاب الله وسنتي» لأن الصحابة أول من جهل السنة النبوية فكيف بمن جاء بعدهم وكيف بمن بعد مسكنه عن المدينة؟
الوجه الرابع : من المعروف أيضاً أن كثيراً من أعمال الصحابة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت مخالفة لسنته.
فإما أن يكون هؤلاء الصحابة يعرفون سنته صلىاللهعليهوآلهوسلم وخالفوها عمداً ، اجتهاداً منهم في مقابل نصوص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهؤلاء ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى : (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٢)
وأما أنهم كانوا يجهلون سنته صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يحق لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والحال هذه أن يقول لهم تركت فيكم سنتي وهو يعلم أن أصحابه وأقرب الناس إليه لم يحيطوا بها علما فكيف بمن يأتي بعدهم ولم يعرفوا ولم يشاهدوا النبي.
الوجه الخامس : من المعلوم أيضاً أنه لم تدوّن السنة إلا في عهد الدولة العباسية وأن أول كتاب كتب في الحديث هو موطأ الإمام مالك ، وذلك بعد الفتنة الكبرى ، وبعد واقعة الحرة واستباحة المدينة المنورة ، وقتل الصحابة فيها صبرا ،
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٨ ص ٣٦ وكتاب الديات.
وصحيح مسلم أيضاً ج ١ ص ٦٧
(٢) سورة الأحزاب آية ٣٦.