فكيف يطمئن الإنسان بعد ذلك إلى رواة تقربوا للسلطان لنيل الدنيا ولذلك اضطربت الأحاديث وتناقضت وانقسمت الأمة إلى مذاهب ، فما ثبت عند هذا المذهب لم يثبت عند غيره وما صححه هذا يكذبه ذاك.
فكيف نصدق بأن رسول الله قال تركت «كتاب الله وسنتي» وهو الذي كان يعلم بأن المنافقين والمنحرفين سوف يكذبون عليه ، وقد قال :
«كثرت عليّ الكذّابة فمن كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار» (١).
فإذا كانت الكذّابة قد كثرت في حياته فكيف يكلف أمته باتباع سنته وليس لهم معرفة بصحيحها من سقيمها وغثها من سمينها.
الوجه السادس : يروي أهل السنة والجماعة في صحاحهم بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك ثقلين ، أو خليفتين ، أو شيئين ، فمرة يروون كتاب الله وسنة رسوله ، ومرة يروون عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، ومعلوم بالضرورة أن الحديث التالي يضيف إلى كتاب الله وسنة رسوله ، سنة الخلفاء فتصبح مصادر التشريع ثلاثة بدلاً من اثنين وكل هذا يتنافى مع حديث الثقلين الصحيح والمتفق عليه من السنة والشيعة ، ألا وهو «كتاب الله وعترتي» والذي قدمنا في ذكره أكثر من عشرين مصدراً من مصادر أهل السنة الموثوقة فضلاً عن مصادر الشيعة التي لم نذكرها.
الوجه السابع : إذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم علم اليقين بأن أصحابه الذين نزل القرآن بلغتهم ولهجاتهم (كما يقولون) لم يعرفوا كثيراً من تفسيره ولا تأويله ، فكيف بمن يأتي بعدهم وكيف بمن يعتنق الإسلام من الروم والفرس والحبش وكل الأعاجم الذين لا يفهمون العربية ولا يتكلمونها.
وقد ثبت في الأثر أن أبا بكر سئل عن قوله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا)
__________________
(١)