ـ وأخرج جلال الدين السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر. قال : «ويجوز أكل الميتة في المخمصة ، وإساغة اللقمة في الخمر والتلفظ بكلمة الكفر ، ولو عم الحرام قطراً بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادراً فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه».
ـ وأخرج أبو بكر الرازي في كتابه أحكام القرآن في تفسيره قوله تعالى «إلا أن تتقوا منهم تقاة» قال يعني أن تخافوا تلف النفس أو بعض الأعضاء ، فتتقوهم بإظهار الموالاة من غير اعتقاده لها ، وهذا ظاهر ما يقتضيه اللفظ ، وعليه الجمهور من اهل العلم ، كما جاء عن قتادة في قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) قال : لا يحل لمؤمن أن يتخذ كافراً ولياً في دينه ، وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) يقتضي جواز إظهار الكفر عند التقية» (١).
ـ وأخرج البخاري في صحيحه عن قتيبة بن سعيد عن سفيان عن ابن المكندر حدثه عن عروة بن الزبير ان عائشة أخبرته أنه استأذن على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رجل ، فقال : ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة ، فلما دخل ألان له الكلام فقلت : يا رسول الله قلت ما قلت ثمّ ألنت له في القول؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه» (٢).
وهذا يكفينا دلالة بعد استعراض ما سبق على أن أهل السنة والجماعة يؤمنون بجواز التقية إلى أبعد حدودها من أنها جائزة إلى يوم القيامة كما مر عليك ومن وجوب الكذب كما قال الغزالي ، ومن إظهار الكفر وهو مذهب الجمهور من أهل العلم كما اعترف بذلك الرازي ومن جواز الابتسام في الظاهر واللعن في
__________________
(١) أحكام القرآن للرازي ج ٢ ص ١٠
(٢) صحيح البخاري ج ٧ ص ٨١ (باب لم يكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فاحشاً ولا متفحشاً).