الباطن كما اعترف بذلك البخاري ومن جواز أن يقول الإنسان ما يشاء وينال من رسول الله خوفاً على ماله كما صرح بذلك صاحب السيرة الحلبية ، وأن يتكلم بما فيه معصية الله مخافة الناس كما أعترف به السيوطي.
فلا مبرر لأهل السنة والجماعة في التشنيع والإنكار على الشيعة من أجل عقيدة يقولون بها هم أنفسهم ويروونها في صحاحهم ومسانيدهم بأنها جائزة بل واجبة ، ولم يزد الشيعة على ما قاله أهل السنة شيئاً ، سوى أنهم اشتهروا بالعمل بها أكثر من غيرهم لما لاقوه من الأمويين والعباسيين من ظلم واضطهاد ، فكان يكفي في تلك العصور أن يقال : هذا رجل يتشيع لأهل البيت ليلاقي حتفه ويقتل شر قتلة على يد أعداء أهل البيت النبوي.
فكان لا بد لهم من العمل بالتقية اقتداء بما أشار عليهم أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، فقد روي عن الإمام جعفر الصادق أنه قال «التقية ديني ودين آبائي» وقال : «من لا تقية له لا دين له» وقد كانت التقية شعاراً لأئمة أهل البيت أنفسهم دفعا للضرر عنهم وعن أتباعهم ومحبيهم ، وحقناً لدمائهم واستصلاحاً لحال المسلمين الذين فتنوا في دينهم كما فتن عمار بن ياسر رضي الله عنه وحتى أكثر.
أما أهل السنة والجماعة فقد كانوا بعيدين عن ذلك البلاء لأنهم كانوا في معظم عهودهم على وفاق تام مع الحكام فلم يتعرضوا لا لقتل ولا لنهب ولا لظلم ، فكان من الطبيعي جداً أن ينكروا التقية ويشنعون على العاملين بها وقد لعب الحكام من بني أمية وبني العباس دوراً كبيراً في التشهير بالشيعة من أجل التقية.
وبما أن الله سبحانه أنزل فيها قرآنا يتلى وأحكاماً تقضى وبما أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمل هو نفسه بها كما مر عليك في صحيح البخاري ، وانه أجاز لعمار بن ياسر أن يسبه ويكفر إذا عاوده الكفار بالتعذيب ، وبما أن علماء المسلمين أجازوا ذلك اقتداء بكتاب الله وسنة رسوله فأي تشنيع وأي استنكار بعد هذا يصح أن يوجه إلى الشيعة؟!