أضف إلى ذلك أن أغلب الصحابة عبّأهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جيش أسامة وأكثرهم كانوا معسكرين بالجرف ولم يحضروا وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا حضروا مؤتمر السقيفة.
فهل يعقل بعد هذا الذي وقع أن يعارض أفراد القبيلة أو العشيرة زعيمهم فيما أبرمه خصوصاً وأن فيما أبرمه الفضل العميم والشرف الكبير الذي تسعى إليه كل قبيلة منهم ، ومن يدري لعله يلحقهم في يوم من الأيام شرف الرئاسة على كل المسلمين ، ما دام صاحبها الشرعي قد أبعد وأصبح الأمر شورى يتداولونه بينهم بالتناوب ، فكيف لا يفرحون بذلك وكيف لا يؤيدونه؟
ثانياً ـ إذا كان أهل الحل والعقد من سكان المدينة قد أبرموا أمراً فليس للقاصين البعيدين من أطراف الجزيرة أن يعارضوا ، وهم لا يدرون ما يدور في غيابهم فوسائل النقل في ذلك العهد كانت بدائية ، ثمّ أنهم يتصوّرون بأن سكان المدينة يعيشون مع رسول الله فهم أعلم بما يستجد من أحكام قد ينزل بها الوحي في أي ساعة وفي أي يوم ثمّ بعد ذلك ما يهم رئيس القبيلة البعيد عن العاصمة من امر الخلافة شيئاً فبالنسبة إليه سواء أكان أبو بكر خليفة أو علي أو أي شخص آخر ، فاهل مكة أدرى بشعابها والمهم عنده هو بقاؤه على رئاسة عشيرته ولا ينازعه فيها أحد
ومن يدري لعل البعض منهم تساءل عن الأمر وأراد أن يستطلع الخبر غير أن أجهزة الحكم أسكتته سواء بالترغيب أو بالترهيب ، ولعل في قصة مالك بن نويرة الذي امتنع عن دفع الزكاة إلى ابي بكر ما يؤكد حصول ذلك.
والمتتبع لتلك الأحداث التي وقعت في حرب مانعي الزكاة أيام أبي بكر يجد كثيراً من التناقضات ولا يقتنع بما أورده بعض المؤرخين للحفاظ على كرامة الصحابة وخصوصاً الحاكمين منهم.
ثالثاً ـ عنصر المفاجأة في القضية لعب دوراً كبيراً في قبول ما يسمى اليوم «بالأمر الواقع» فلقد عقد مؤتمر السقيفة على حين غفلة من الصحابة الذين