شغلوا بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن هؤلاء الإمام علي والعباس وسائر بني هاشم والمقداد وسلمان وأبي ذر وعمار والزبير وغير هؤلاء كثيراً ولما خرج أصحاب السقيفة يزفّون أبا بكر إلى المسجد داعين إلى البيعة العامة والناس يقبلون على البيعة أفواجاً وزرافات طوعاً وكرهاً ، لم يكن علي واتباعه قد فرغوا بعد من واجبهم المقدّس الذي فرضته عليهم أخلاقهم السامية فلا يمكن لهم أن يتركوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدون تغسيل وتكفين وتجهيز ودفن ويتسارعوا إلى السقيفة ليتنازعوا حول الخلافة.
وما إن فرغوا من واجبهم حتى استتب الأمر لأبي بكر وبات من يتخلف عن بيعته معدوداً من أصحاب الفتنة الذي يشق عصا المسلمين فيجب على المسلمين مقاومته أو حتى قتله إن لزم الأمر. ولذلك نرى عمر قد هدّد سعد بن عبادة بالقتل لما امتنع عن بيعة أبي بكر وقال اقتلوه إنه صاحب فتنة (١) وهدّد بعد ذلك المتخلفين في بيت علي بحرق الدار ومن فيها ، وإذا عرفنا رأي عمر بن الخطاب في خصوص البيعة فهمنا بعد ذلك كثيراً من الألغاز التي بقيت محيّرة.
فعمر يرى بأنه يكفي لصحة البيعة أن يسبق إليها أحد المسلمين فيجب على الآخرين متابعته ومن عصى منهم فهو خارج من ربقة الإسلام ويجب قتله.
فلنستمع إليه يتحدّث عن نفسه في خصوص البيعة كما أخرجه البخاري في صحيحه (٢) ، قال : يحكي عما وقع في السقيفة :
«فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت : أبسط يدك يا أبا بكر ، فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون (٣) والأنصار ونزونا على
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٦.
تاريخ الطبري تاريخ الخلفاء لابن قتيبة.
(٢) صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٨ باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.
(٣) ذكر كل المؤرخون بأنه لم يحضر في السقيفة إلا أربعة من المهاجرين فقوله : فبايعته وبايعه المهاجرون يعارضه قوله وخالف عنا علي والزبير ومن معهما قاله في نفس الخطبة أنظر صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٦.