ومنها : أنّ مقتضى هذه الأحاديث انّه لم يبق بعد قصّة سدِّ الأبواب بابٌ يُفتح إلى المسجد سوى باب الرسول العظيم وابن عمِّه ، وحديث خوخة ابي بكر يصرِّح بأنَّه كانت هناك أبوابٌ شارعة وسيوافيك البعد الشاسع (١) بين القصتين ، وما ذكروه من الجمع بحمل الباب في قصة أمير المؤمنين عليهالسلام على الحقيقة ، وفي قصة ابي بكر بالتجوّز بإطلاقه على الخوخة ، وقولهم : «كأنَّهم (٢) لمّا امروا بسدِّ الأبواب سدّوها وأحدثوا خوخاً يستقربون الدخول إلى المسجد منها فامروا بعد ذلك بسدِّها». تبرُّعيٌّ لا شاهد له ، بل يُكذِّبه انَّ ذلك ما كان يتسنّى لهم نصب عين النبيِّ ، وقد أمرهم بسدِّ الأبواب لئلّا يدخلوا المسجد منها ، ولا يكون لهم ممرٌّ به ، فكيف يمكنهم إحداث ما هو بمنزلة الباب في الغاية المبغوضة للشارع ، ولذلك لم يترك لعمَّيه : حمزة والعبّاس ممرّاً يدخلان منه وحدهما ويخرجان منه ، ولم يترك لمن أراد كوَّةً يُشرف بها على المسجد ، فالحكم الواحد لا يختلف باختلاف أسماء الموضوع مع وحدة الغاية ، وإرادة الخوخة من الباب لا تُبيح المحظور ولا تُغيِّر الموضوع.
__________________
(١) يأتي ان الاول في اول الامر والآخر في مرضه حين بقي من عمره ثلاثة ايام أو اقل. «المؤلف رحمهالله».
(٢) تجد هذه العبارة في فتح الباري ٧ ص ١٢ ، عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢ ، نزل الابرار ٣٧. «المؤلف رحمهالله».