فاستعمل العبودية في الرضى بحكمته ، واستعمل العبادة في النزول تحت أمره ، وصلّ على حبيبه عقب الثناء عليه ، فإنه وصل محبته بمحبته وطاعته بطاعته ومتابعته بمتابعته ، فقال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران : ٣١]. وقال : ([مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ]) [النساء : ٨٠]. وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠]. وأمر رسوله بالاستغفار لك ، فقال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [محمد : ١٩]. وأمرك بالصلاة عليه ، فقال تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : ٥٦]. وقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : " من صلّى علي واحدة صلّى الله عليه بها عشرا وعامله بالفضل". فقال تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) [الانشراح : ٤]. ثم أمره بمعاملته بالعدل فقال لغيره : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) [الجمعة : ١٠]. وقال له : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) [الانشراح : ٧ و ٨].
باب السلام
السلام من أسماء الله تعالى أودعه خلقه ليستعملوا معناه في معاملته ومعاشرة خلقه ، فإذا أردت السلامة فليسلم منك صديقك وارحم من لا يرحم نفسه فإن الخلق بين فتن ومحن ، إما مبتلى بالنعمة ليظهر شكره ، وإما مبتلى بالشدة ليظهر صبره ، قال الله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ* كَلَّا) [الفجر : ١٥. ١٧]. فالكرامة في طاعته والهوان في معصيته ومن ركب الهوى أهانه الله.
باب الدعاء
وأحفظ آداب الدعاء وانظر من تدعو وكيف تدعو ولما ذا تدعو ولما ذا تسأل ، والدعاء استجابة الكل منك للحق وإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تشترط الإجابة. قال مالك بن دينار : أنتم تستبطئون المطر وأنا أستبطئ الحجر ، ولو لم يأمر الله سبحانه بالدعاء لوجب علينا أن ندعوه ولو لم يشترط لنا الإجابة لكنا إذا أخلصنا له الدعاء تفضل بالإجابة. فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرط الدعاء. قال الله تعالى : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) [الفرقان : ٧٧]. وقال تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠]. وسئل أبو يزيد البسطامي عن اسم الله الأعظم ، فقال : فرّغ قلبك من غيره وادعه بأي أسمائه شئت ، وقال يحيى بن معاذ : اطلب صاحب الاسم. وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : " لا يستجيب الله الدّعاء من قلب لاه فإذا أخلصت فأبشر بإحدى ثلاث : إمّا أن يجعل لك ما سألت ، وإمّا أن يدّخر لك ما هو أعظم منه ، وإمّا أن يصرف عنك من البلاء ما لو صبّه عليك لهلكت وادع دعاء مستجير لا دعاء مشير" ، روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : " قال الله تبارك وتعالى من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السّائلين". وقال أبو الحسين الورّاق : دعوت الله مرة فاستجاب دعائي فنسيت الحاجة فاحفظ حق الله عزوجل عليك في