الدعاء ولا تشتغل بحظك فإنه أعلم بمصلحتك.
باب الصوم
فإذا صمت فانو بصومك كف النفس عن الشهوات ، فإن الصوم فناء مراد النفس وفيه صفاء القلب وضمارة الجوارح والتنبيه على الإحسان إلى الفقراء والالتجاء إلى الله والشكر على ما تفضل به من النعم وتخفيف الحساب ، ومنّة الله في توفيقك للصوم أعظم من أن تقوم بشكرها ومن صومك أن تطلب منه عوضا.
باب الزكاة
وعن كل جزء من أجزائك زكاة واجبة لله ، فزكاة القلب التفكر في عظمته وحكمته وقدرته وحجّته ونعمته ورحمته ، وزكاة العين النظر بالعبرة والغض عن الشهوة ، وزكاة الأذن الاستماع إلى ما فيه نجاتك ، وزكاة اللسان النطق بما يقربك إليه ، وزكاة اليد القبض عن الشر والبسط إلى الخير ، وزكاة الرجل السعي إلى ما فيه صلاح قلبك وسلامة دينك.
باب الحج
والمريد إذا حج يعقد النية خوف الرد ، واستعد استعداد من لا يرجو الإياب ، وأحسن الصحبة ، وتجرد عند الإحرام عن نفسه ، واغتسل من ذنبه ، ولبس ثوب الصدق والوفاء ، ولبى موافقة للحق في إجابة دعوته ، وأحرم في الحرم من كل شيء يبعده عن الله تعالى ، وطاف بقلبه حول كرسي كرامته ، وصفا ظاهره ، وباطنه عند الوقوف على الصفا ، وهرول هربا من هواه ولم يتمنّ على الله تمني ما لا يحل له واعترف بالخطإ بعرفة ، وتقرب إلى الله بمزدلفة ، ورمى الشهوات عند رمي الجمرات ، وذبح هواه وحلق الذنوب ، وزار البيت معظما صاحبه ، واستلم الحجر رضاء بقضائه ، وودع ما دون الله في طواف الوداع.
باب السلامة
واطلب السلامة فليت من طلبها وجدها فكيف لمن تعرض للبلاء ، والسلامة قد عزت في هذا الزمان وهي في الخمول ، فإن لم تكن في الخمول ، فالعزلة وليست كالخمول فإن لم تكن عزلة فالصمت وليس كالعزلة ، فإن لم تكن في صمت فالكلام بما ينفع ولا يضر وليس كالصمت ، وإن أردت السلامة فلا تنازع الأضداد ولا تنافس الأشكال كل من قال أنا فقل أنت ، وكل من قال لي فقل لك ، والسلامة في زوال العرف ، وزوال العرف في فقد الإرادة ، وفقد الإرادة في ترك دعوى العلم فيما استأثر الله به من تدبير أمرك. قال الله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦]. وقال : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) [السجدة : ٥].