اشتراك الشيئين ، ويمكن إن تشاهد هذه الجواهر. أعني جواهر الملائكة وإن كانت غير محسوسة ، وهذه المشاهدة على ضربين إما على سبيل التمثل كقوله تعالى : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم: ١٧]. وكما كان النبي عليه الصلاة والسلام يرى جبريل في صورة دحية الكلبي. القسم الثاني أن يكون لبعض الملائكة بدن محسوس ، كما أن نفوسنا غير محسوسة ولها بدن محسوس هو محل تصرفها وعالمها الخاص بها ، فكذلك بعض الملائكة ، وربما كان هذا البدن المحسوس موقوفا على إشراق نور النبوة كما أن محسوسات عالمنا هذا موقوف عند الإدراك على إشراق نور الشمس ، وكذا في الجن والشياطين.
فصل في وقوع مزاج قريب من مزاج آخر
وقوع مزاج من مزاج غير مستحيل ، فنسبة نفس مزاج واحد هو قريب إلى مزاج آخر إلى نفس ذلك المزاج نسبة مقارنة ، فإن كان لإنسان مزاج خاص وله نفس خاصة ثم مات صاحب ذلك المزاج وحدث بعده مزاج خاص وله نفس خاصة ثم مات صاحب ذلك المزاج وحدث بعده مزاج آخر قريب منه ، وذلك عند الأدوار والتشكلات الفلكية مثال ذلك حدث مزاج وتشكل الفلك على هيئة مخصوصة ، ثم عادت تلك التشكلات بأسرها عودا يمكن لها وإن لم يكن بالنسبة المخصوصة ، إلى مبدأ واحد ، فحدث مزاج آخر استحق المزاج الحادث نفسا أخرى لتلك النفس مع النفس المفارقة التي كانت للمزاج المناسب له مناسبة لها ، فلا تتعلق النفس المفارقة بهذا المزاج تعلقا كليا لاستحالة تصرف النفسين في بدن واحد ، فتتعلق بذلك المزاج تعلقا دون تعلق تلك النفس الحادثة معه ، فتزداد خيرا إن كانت خيرة وشرا إن كانت شريرة ، ولذلك يقال لكل إنسان جني يشاكله ويعاونه أو شيطان يغويه ويضله ، وإن حدث مزاجان في زمان واحد في بدنين أو في مكانين وحدثت لهما نفسان كانتا تربين ففي الأبدان تربان وفي النفوس تربان ، وكل من تكون مناسبة الأرواح المفارقة إلى روحه أكثر حدث به من تلك الاتصالات أنواع من الأخلاق ، فيكون عرافا كاهنا أو صاحب تنجيم أو غير ذلك ، وربما كانت القوة الوهمية بعد المفارقة بحيث يصير لها العالم المحسوس بدنا ولا تتعداه إلى العالم الأعلى ، فتطالع الأسباب الجزئية في هذا العالم فتستفيد النفس البدنية المتصلة بها معرفة ما والشرير منها في غاية الشر ، لأنها خرجت عن المادة ، فالشرير شيطان والخير من الطبقة الناقصة جن والجن والشياطين علائق يتمسك بها البشر وأفعال روحانية هي مولدات لأفعال طبيعية ، والخلاص عن المادة دليل كمال القوة سواء كانت تلك القوة قوة رداءة أو قوة خير ، وأما القاعدة عن اليمين والشمال فقالوا فيهما ما قالوا ، والحق أن هذا سر إنما يعرفه الأنبياء والمرسلون عليهمالسلام ، وملائكة السماوات المدبرون المتصرفون في أجرام السماوات لا يعلم أعداد تلك الأجرام إلا الله تعالى ، كما قال الله تعالى : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدثر: ٣١]. وملك الموت هو الملك الذي يأمره الله تعالى بقبض الأرواح متضمنا تفريق المزاج الذي استحق قبول تلك النفس مثاله مثال مطفئ السراج بالنفخ، والنفخ