نفخان : نفخ يوقد كما قال تعالى : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) [الأنبياء : ٩١]. ونفخ يطفئ كما قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الزمر : ٦٨]. وقال تعالى : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) [الزمر : ٦٨].
الركن الثالث في المعجزات وأحوال الأنبياء عليهمالسلام
تسبيح الحصى ، وقلب العصا حية تسعى ، وكلام البهائم وكلام الشاة التي قالت للنبي عليه الصلاة والسلام حين سمتها اليهودية لا تأكل مني فإني مسمومة ، وأمثال ذلك على ثلاثة أقسام : القسم الأول الحسي ، والثاني الخيالي والثالث العقلي.
القسم الأول : الحسي ، وهو أن يخلق الله العلم والحياة والقدرة في الحصى حتى يتكلم. وفي البهيمة العقل والقدرة والنطق وذلك ليس بمحال فإن الله تعالى قادر على أن يخلق في الباذروج حياة وقدرة وسما ، ويخلق منه عقربا ، ويخلق من نوى النبق كذلك. ويخلق من لحوم البقر ، النحل ، ومن النطفة الإنسان وسائر الحيوانات من موادها ، فهو قادر على أن يخلق بإعجاز نفس نبوية في الحصاة حياة وقدرة ، ومن شاهد خلق الحية النضناضة من شعر امرأة ويحس ولا يتعجب من قلب الشعر حية ، فكيف يتعجب من قلب العصا حية ، والخشب كان ذا نفس نامية نباتية ، والشعر لم يكن قط ذا نفس ، والأجسام متماثلة فكما جاز ذلك في أجسام الناس جاز ذلك في سائر الأجسام ، وإن كان الجسم الإنساني بسبب اعتدال المزاج قابلا لهذه الأشياء ، فكل جسم مستعد لقبول المزاج المعتدل. وإن كان الاعتدال موقوفا على الحرارة والرطوبة ، فليس يمتنع أن يكون كل جسم قابلا للحرارة والرطوبة ويكون دعاء النبي وهمته يؤثران في كينونة هذه الأشياء من غير مهلة ومدة ، وإن جرت العادة أن يخلق الله تعالى مثل هذه الأشياء في مدة وبذلك يظهر شرف الأنبياء وخرق العادة ليس بمحال مثال ذلك : الشمس والنار ، فإن ما يحصل من تأثير الشمس في المائعات وغيرها إنما يحصل بمدة على سبيل التدريج ، وما يحصل من إسخان النار يكون دفعة فلم استحال أن يكون تأثير مراد الأنبياء على وجه تكون نسبة إسخان النار إلى إسخان الشمس.
القسم الثاني : العقلي ، وهو قول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : ٤٤]. وهو شهادة كل مخلوق ومحدث على خالقه وموجوده كشهادة البناء على الباني والكتابة على الكاتب ، ويقال لذلك لسان الحال والمتكلمون يقولون هذه دلالة الدليل على المدلول ، والحمقى من الناس لا يعرفون هذه الرتبة ولا يقرون بها.
القسم الثالث : الخيالي ، أن لسان الحال يصير مشاهدا محسوسا على سبيل التمثيل. وهذه خاصية الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، كما أن لسان الحال يتمثل في المنام لغير الأنبياء ويسمعون صوتا وكلاما كما يرى في منامه ، أن جملا يكلمه أو فرسا يخاطبه أو ميتا يعطيه شيئا أو يأخذ بيده أو يسلب منه شيئا أو تصير إصبعه شمسا أو قمرا أو يصير ظفره أسدا أو غير ذلك مما يراه النائم في