عن أبي عثمان النهدي قال : سمعت عمر بن الخطاب ـ وهو يطوف بالكعبة ـ يقول : اللهم إن كنت كتبتني في السعادة فاثبتني فيها ، وإن كنت كتبت عليّ الشقاوة والذنب .... (١) فامحني واثبتني في السعادة (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٢).
هكذا رواه حمّاد بن سلمة ، عن أبي حكيمة وسمعناه. ورواه هشام الدستوائي ، عن أبي حكيمة مختصرا وقال : «فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب». وأبو حكيمة اسمه : عصمة ، بصري تفرد به ، فإن صح شيء من هذا فمعناه يرجع إلى ما ذكرنا من محو العمل والحال ، وتقدير قوله : «اللهم إن كنت كتبتني أعمل عمل الأشقياء ؛ وحالي حال الفقراء برهة من دهري فامح ذلك عني بإثبات عمل السعداء ، وحال الأغنياء ، واجعل خاتمة أمري سعيدا موفقا للخير فإنّك قلت في كتابك : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) أي : من عمل الأشقياء ، (وَيُثْبِتُ) أي : من عمل السعداء ، ويبدل ما يشاء من حال الفقر (ويثبت ما يشاء) من حال الغنى ، ثم المحو والإثبات جميعا مسطوران في أم الكتاب.
٢٥٨ ـ وقد أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو منصور النصروي ، حدّثنا أحمد بن نجدة ، حدّثنا سعيد بن منصور ، حدّثنا جرير ، عن منصور قال : قلت لمجاهد : ما تقول في هذا الدعاء : اللهم إن كان اسمي في السعداء فاثبته فيهم ، وإن كان في الأشقياء فامحه منهم واجعله في السعداء؟
فقال حسن. ثمّ مكثت حولا فسألته عن ذلك فقال : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (٣) قال : يفرق في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ، فأمّا كتاب الشقاوة والسعادة فإنّه ثابت لا يغيّر.
__________________
(١) كلمة لم أستطع قراءتها.
(٢) سورة الرعد ، الآية رقم (٣٩).
(٣) سورة الدخان ، الآية رقم (١ ـ ٤).