من الأمرين ، فالمحو والإثبات يرجع إلى أحد الكتابين كما أشار إليه ابن عباس ، والله أعلم.
٢٥٦ ـ وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي ، أخبرنا محمد بن إسماعيل العوفي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عمي قال : حدّثني أبي ، عن أبيه عطية ، عن ابن عباس ، في قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (١) قال : هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ثمّ يعود لمعصية الله ؛ فيموت على ضلالة فهو الذي يمحو ، والذي يثبت : الرجل يعمل بطاعة الله وقد كان سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله ؛ فهو الذي يثبت.
قال الشيخ : وقد دل بعض ما مضى من السنن أنّ الواحد منّا قد يعمل زمانا بمعصية الله ثمّ يختم له بعمل أهل الجنّة ، ويعمل الآخر زمانا بطاعة الله ، ثم يختم له بعمل أهل النار ، فيرجع كل واحد منهما إلى ما سبق من علم الله فيهما ، فيحتمل أن يكون المحو والإثبات راجعين إلى عملهما ، والله أعلم.
٢٥٧ ـ وأمّا ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : أخبرني محمد بن إسماعيل السكري ، حدّثنا أبو قريش ، حدّثنا أبو محمد نصر بن خلف النيسابوري ، حدّثنا يعلى بن عبيد ، حدّثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ قال : ما دعا عبد بهذه الدعوات ، إلّا وسّع الله عليه في معيشته : يا ذا المن ، ولا يمنّ عليك ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول ، لا إله إلا أنت ، ظهر اللاجئين ، وجار المستجيرين ، ومأمن الخائفين ، إن كنت كتبتني في أم الكتاب عندك شقيا فامح عني اسم الشقاء ، واثبتني عندك سعيدا ، وإن كنت كتبتني في أم الكتاب محروما مقترا عليّ رزقي ، فامح عني حرماني وتقتير رزقي ، واثبتنى عندك سعيدا موفقا للخير ، فإنّك تقول في كتابك (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٢) قال : فهذا / موقوف. وروي عن أبي حكيمة ،
__________________
(١) سورة الرعد ، الآية رقم (٣٩).
(٢) سورة الرعد ، الآية رقم (٣٩).