(٧٥١ ه) بكتابه «شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل» (١) والذي لم يؤلف في الإسلام مثله في هذا الباب ، إلّا إنني لمّا أطلعت على هذا المصنّف وجدته ذا مزيا جليلة ، وفوائد كثيرة.
ورأيت أنّ الكتاب جاء في تصنيفه وفق نهج المحدثين في التصنيف ؛ فلا يذكر حديثا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو أثرا لصحابي أو من تبعهم بإحسان ، إلّا ذكره مسندا إلى قائله ، حتى جاوزت أحاديث وأثار الكتاب الستمائة بكثير.
ومن البيّن أن جمع هذا القدر من الأحاديث والآثار في موضوع واحد عمل هائل ، وعزيز المثل.
كما لا يرتاب أحد فيما احتله البيهقيّ من مكانة مرموقة وعظيمة في الحديث وعلومه ، وهو ما ظهر بجلاء في مصنفاته من جهة كثرتها وتنوعها وكثرة فوائدها وشهرتها.
وقد كان بدا لي بعد تمام تبييضه تنحيته جانبا ، والرغبة عن نشره ، وتصرّم على ذلك ثلاثة أعوام ظللت فيها مترددا بين أن أدفعه إلى النشر بعد التعليق على مواطن المؤاخذات ، والأخطاء فيه ، أو الإحجام عن ذلك ، واتخاذه مهجورا.
ثم وجدت إلحاحا شديدا من الأخ عمر الحفيان وبعض الإخوة على نشره وإخراجه ، وكانت حجة أصحابي غالبة لحجّتي ، ومزيلة لما أصررت عليه ، وخفت أن أكون كتمت علما عن طالب علم.
لذا قررت أن أحسم هذا التنازع القائم في نفسي ، فهرعت إلى استخارة الخالق ثم ثبّت أمري بتوكلي على الله والاعتصام به ... وكان ما كان ... مما أراد الله له أن يكون.
__________________
(١) وقد طبع هذا الكتاب طبعات كثيرة ، أكثرها عليه مآخذ ؛ باستثناء تلك الأخيرة التي نشرتها مكتبة العبيكان بتحقيق الأستاذ الباحث : عمر الحفيان ؛ فجزاه الله خيرا.