عديدة ، إذ كتبت بخط نسخي غاية في الإتقان ـ يرتفع إلى آخر القرن السادس الهجري ـ راعى ناسخها فيها قواعد المحدثين في الضبط والتقييد ، ومشى على هذا المنوال في الكتاب كلّه ، فمثلا نجده يضبط الحروف المهملة بأن يضع تحتها حروفا مهملة صغيرة مثلها ، أو يضع فوق الحرف المهمل كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها هكذا (٧) كما نجده يضبط الكلمات التي تشكل بالشكل والإعراب ، ونجده ـ أيضا ـ يستخدم ما تعارف عليه أصحاب الضبط والتقييد للنّسخ من وضع «صح» على ما قد يتطرق إليه الشك ، ويكون صحيحا من حيث الرواية والمعنى ، وعلامة «ص» للتمريض فيما يصح ورودا ورواية ولكنه فاسد من حيث اللفظ أو المعنى ، وغيرها مما يدل على الدقة المتناهية والعناية التامة التي حظيت بها النسخة من قبل ناسخها.
وليس في هوامش الأصل شيء بغير خط كاتبها ، بل فيها لحق بخطه استدراكا لما سها عنه خلال كتابته في مواضع يسيرة.
ورغم كل هذه الدقة والإتقان لم تخل النسخة من أخطاء يسيرة نبهت عليها في مواضعها ، إلّا أنّه ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن النسخة المخطوطة حصل بها اضطراب وخلط شديد بين أورقها ، والذي يبدو أن النسخة كانت قد تعرضت لإهمال أدى إلى تبعثر أورقها واختلاطها ثم أعيد تجميعها دون دقّة فحصل التقديم والتأخير الذي جعل إعادة ترتيبها عسيرا شاقا.
فمثلا يبتدئ الكتاب من الورقة الأولى بوجهها الأول ، وما نلبث إلّا يسيرا حتى تفجعنا نهاية الوجه الأول من الورقة العاشرة بما يلي : «أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ ـ رحمهالله ببغداد ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعيّ ، حدّثنا إسحاق بن الحسن ، حدّثنا أبو نعيم /».
بهذا القدر انقضى الوجه الأول من الورقة العاشرة ، ولكننا ما إن ننقل البصر إلى أعلى الوجه الثاني من الورقة نفسها ، كيما نستكمل قراءة إسناد الحديث حتى نفجع بما يلي : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم ...» فأين