رسوله بذلك إعلاما وإنذارا ، فقال : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) أرض مكة (لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً) أي لو فعلوا لم يلبثوا بعد إخراجك إلا زمنا قليلا ونهلكهم كما هي سنتنا في الأمم السابقة التي أخرجت أنبياءها أو قتلتهم هذا معنى قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ) (١) أي يستخفونك (مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ (٢) إِلَّا قَلِيلاً سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) أي عما جرت به في الأمم السابقة.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الترغيب في الاقتداء بالصالحين ومتابعتهم والترهيب من الاقتداء بأهل الفساد ومتابعتهم.
٢ ـ عدالة الله تعالى في الموقف بإقامة الحجة على العبد وعدم ظلمه شيئا.
٣ ـ عمى الدنيا عن الحق وشواهده سبب عمى الآخرة وموجباته من السقوط في جهنم.
٤ ـ حرمة الركون أي الميل لأهل الباطل بالتنازل عن شيء من الحق الثابت إرضاء لهم.
٥ ـ الوعيد الشديد لمن يرضى أهل الباطل تملقا لهم طمعا في دنياهم فيترك الحق لأجلهم.
٦ ـ إمضاء سنن الله تعالى وعدم تخلفها بحال من الأحوال.
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ
__________________
(١) الاستفزاز : الحمل على الترحل ، وهو استفعال من فزّ يفزّ بمعنى : بارح المكان ، والمعنى : كادوا : أن يخرجوك من بلدك كرها ثم صرفهم الله عنك حتى خرجت برضاك واختيارك فلذا لم تنزل بهم العقوبة بخروجك من بلدك.
(٢) قرأ نافع : خلفك أي بعدك ، وقرأ حفص (خِلافَكَ) وهي لغة في خلف بمعنى : بعد.