رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) أي لعل الله تعالى أن يهديني فيسددني لأسدّ ما وعدتكم أن أخبركم به مما هو أظهر دلالة على نبوتي مما سألتموني عنه اختبارا لي. وقوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ (١) سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) يخبر تعالى أن الفتية لبثوا في كهفهم رقودا من ساعة دخلوه إلى أن أعثر الله عليهم قومهم ثلاثمائة سنين بالحساب الشمسي وزيادة تسع سنين بالحساب القمري.
وقوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) رد به على من قال من أهل الكتاب إن الثلاثمائة والتسع سنين هي من ساعة دخولهم الكهف إلى عهد النبي صلىاللهعليهوسلم فأبطل الله هذا بتقرير الثلثمائة والتسع أولا وبقوله (اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) ثانيا وبقوله : (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ما غاب فيهما ، ثالثا ، وبقوله : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) أي ما أبصره بخلفه وما أسمعه لأقوالهم حيث لا يخفى عليه شيء من أمورهم وأحوالهم خامسا ، وقوله (ما لَهُمْ) أي لأهل السموات والأرض من دونه تعالى (مِنْ وَلِيٍ) أي ولا ناصر (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) لغناه عما سواه ولعدم وجود شريك له بحال من الأحوال.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان اختلاف أهل الكتاب وعدم ضبطهم للأحداث التاريخية.
٢ ـ بيان عدد فتية أصحاب الكهف وأنهم سبعة وثامنهم كلبهم.
٣ ـ من الأدب مع الله تعالى أن لا يقول العبد سأفعل كذا مستقبلا إلا قال بعدها إن شاء الله.
٤ ـ من الأدب من نسي الاستثناء أن يستثني ولو بعد حين فإن حلف لا ينفعه الاستثناء إلا إذا كان متصلا بكلامه.
٥ ـ تقرير المدة التي لبثها الفتية في كهفهم وهي ثلاث مائة وتسع سنين بالحساب القمري.
(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ
__________________
(١) قرأ الجمهور (ثَلاثَ مِائَةٍ) بالتنوين و (سِنِينَ) منصوب على التمييز أو على البدلية ، فهو مجرور ، وقرأ خلافهم بإضافة ثلثمائة إلى سنين.