أَوْلى بِها صِلِيًّا) يخبر تعالى بعلمه بالذين هم أجدر وأحق بالاصطلاء بعذاب النار ، وسوف يدخلهم النار قبل غيرهم ثم يدخل باقيهم بعد ذلك وهو معنى قوله عزوجل : (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) (١).
وقوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) ، فإنه يخبر عزوجل عن حكم حكم به وقضاء قضى به وهو أنه ما من واحد منا معشر بني آدم إلا وارد جهنم وبيان ذلك كما جاء في الحديث أن الصراط جسر يمد على ظهر جهنم والناس يمرون فوقه فالمؤمنون يمرون ولا يسقطون في النار والكافرون يمرون فيسقطون في جهنم. وهو معنى قوله في الآية (٧٢) (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) (٢) أي ربهم فلم يشركوا به ولم يعصوه بترك واجب ولا بارتكاب محرم (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ) بالتكبر والكفر وغشيان الكبائر من الذنوب (فِيها جِثِيًّا) أي ونترك الظالمين فيها أي جهنم جاثمين على ركبهم يعانون أشد أنواع العذاب
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بالحشر والاحضار حول جهنم والمرور على الصراط.
٢ ـ تقرير معتقد الصراط في العبور عليه إلى الجنة.
٣ ـ تقديم رؤساء الضلال وأئمة الكفر إلى جهنم قبل الأتباع الضالين.
٤ ـ تقرير حتمية المرور على الصراط.
٥ ـ بيان نجاة الأتقياء ، وهلاك الفاجرين الظالمين بالشرك والمعاصي.
__________________
(١) يقال : صلى يصلى صليّا كمضى يمضي مضيا وهوى يهوي هويّا ، وصليّا بكسر الصاد : قراءة حفص ، وبضمها : قراءة نافع ، وهو مصدر صلي النار كرضي وهو مصدر سماعي بوزن فعول ، قلبت فيه الواو ياء وأدغمت في الياء فصار صليّا كما تقدّم في جثيا.
(٢) حاول صاحب التحرير أن يردّ مذهب الجمهور في ورود المؤمنين على الصراط كسائر الخلق ثمّ ينجي الله الذين اتقوا حيث يجتازونه بسلام ويقع فيه الكافرون فلا يخرجون وما هناك حاجة إلى ردّ مذهب الجمهور من أئمة الإسلام إذ حديث الصراط والمرور به ثابت قطعيّا ففي صحيح مسلم : (ثم يضرب الجسر على جهنم ، وتحل الشفاعة فيقولون : اللهم سلم سلم قيل : يا رسول الله : وما الجسر؟ قال : دحض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون فيها شويكة يقال لها : السعدان ، فيمرّ المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالربح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلّم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم ، وبهذا الصراط .. فسّر السلف الورود على جهنم ، ولم يقولوا بلازم الورود وهو الدخول ، إذ قد يرد المرء على الحوض ويقف على طرفه ولا يدخل فيه وورد وصحّ قول الرسول صلىاللهعليهوسلم فيمن مات له ثلاثة ولد لم يبلغوا الحنث لا تمسه النار إلّا تحلة القسم) وهو الورود على متن جهنم نظرا إلى الآية (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها).