أي رأى ملك الموت وأعوانه وقد حضروا لقبض روحه (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (١) أي أخروا موتي كي أعمل صالحا فيما تركت العمل فيه بالصلاح ، وفيما ضيعت من واجبات قال تعالى ردا عليه (كَلَّا) (٢) أي لا رجوع أبدا ، (إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) لا فائدة منها ولا نفع فيها ، (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ) أي حاجز مانع من العودة إلى الحياة وهو أيام الدنيا كلها حتى إذا انقضت عادوا إلى الحياة ، ولكن ليست حياة عمل وإصلاح ولكنها حياة حساب وجزاء هذا معنى قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٣).
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ مشروعية الدعاء والترغيب فيه وإنه لذو جدوى للمؤمن.
٢ ـ استحباب دفع السيء من القول أو الفعل بالصفح والإعراض عن صاحبه.
٣ ـ مشروعية الإستعاذة بالله تعالى من وساوس الشياطين ومن حضورهم أمر العبد الهام حتى لا يفسدوه عليه بالخواطر السيئة.
٤ ـ موعظة المؤمن بحال من يتمنى العمل الصالح عند الموت فلا يمكن منه فيموت بندمه وحسرته ويلقى جزاء تفريطه حرمانا وخسرانا في الدار الآخرة.
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤)
__________________
(١) (رَبِّ ارْجِعُونِ) هذا تمنّ للحياة الدنيا بعد ذهابها ، وهيهات هيهات أن تعود!! وقوله : (ارْجِعُونِ) : خاطب الربّ تعالى بضمير التعظيم وتعظيم المخاطب شائع في كلام العرب.
(٢) (كَلَّا) : ردع للسامع ليعلم يقينا إبطال ما يطلبه الكافر من الرجوع.
(٣) البرزخ : هو ما بين الدنيا والآخرة إذ كل ما حجز بين شيئين قيل فيه : برزخ.