شرح الكلمات :
(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) : أي عن دعوتنا إلى ترك آلهتنا وعبادة إلهك وحده.
(مِنَ الْمَرْجُومِينَ) : أي المقتولين رجما بالحجارة.
(فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً) : أي أحكم بيني وبينهم حكما بأن تهلكهم وتنجيني ومن معي من المؤمنين.
(فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (١) : أي المملوء بالركاب وأزواج المخلوقات الأخرى.
(بَعْدُ الْباقِينَ) : أي بعد إنجائنا نوحا والمؤمنين بركوبهم في السفينة أغرقنا الكافرين إذ إغراقهم كان بعد نجاة المؤمنين.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحوار الدائر بين نوح وقومه إنه لما دعاهم إلى التوحيد وكرر عليهم الدعوة وأفحمهم في مواطن كثيرة وأعيتهم الحجج لجأوا إلى التهديد والوعيد فقالوا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله (قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ) أي قسما بآلهتنا لئن لم تنته يا نوح من تسفيهنا وسب آلهتنا ومطالبتنا بترك عبادتها (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) (٢) أي لنقتلنك رميا بالحجارة. وهنا وبعد دعوة دامت ألف سنة إلا خمسين عاما رفع نوح شكواه إلى الله قائلا : (رَبِّ إِنَّ قَوْمِي (٣) كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً) أي احكم بيننا وافصل في قضية وجودنا مع بعضنا بعضا فأهلكهم (وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) قال تعالى (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي المملوء بأنواع الحيوانات (ثُمَّ أَغْرَقْنا (٤) بَعْدُ الْباقِينَ) أي بعد إنجائنا نوحا ومن معه من المؤمنين بأن ركبوا في الفلك وما زال الماء يرتفع النازل من السماء والنابع من الأرض حتى غرق كل من على الأرض والجبال ولم ينج أحد إلا نوح وأصحاب السفينة ، قال تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي المذكور من الصراع الذي دار بين التوحيد والشرك وفي عاقبة التوحيد وهي نجاة أهله والشرك وهي دمار أهله (لَآيَةً) أي
__________________
(١) الشحن : ملء السفينة بالناس والدواب وغيرهم ولم يقل : المشحونة بل قال : (الْمَشْحُونِ) لأنه هنا واحد لا جمع.
(٢) كل لفظ (رجم) في القرآن معناه القتل رميا بالحجارة إلا قوله : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) فإنه بمعنى لأسبّنك وأشتمنّك.
(٣) هذه الجملة قالها تمهيدا للدعاء عليهم.
(٤) ثمّ : للتراخي الرتبي في الاخبار لأنّ إغراق أمة كاملة أعظم دلالة على عظيم القدرة من إنجاء طائفة من الناس.