(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) : أي مكان عال مرتفع.
(آيَةً) : أي قصرا مشيدا عاليا مرتفعا.
(تَعْبَثُونَ) : أي ببنيانكم حيث تبنون ما لا تسكنون.
(وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) : أي حصونا منيعة وقصورا رفيعة.
(لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) : أي كأنكم تأملون الخلود في الأرض وترجونه.
(وَإِذا بَطَشْتُمْ) : أي أخذتم أحدا سطوتم عليه بعنف وشدة.
(جَبَّارِينَ) : أي عتاة متسلطين.
معنى الآيات :
هذه بداية قصص هود عليهالسلام يقول تعالى (كَذَّبَتْ عادٌ) (١) أي قبيلة عاد (الْمُرْسَلِينَ) أي رسول الله هودا ، (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ) (٢) أي ألا تتقون عقاب الله بترككم الشرك والمعاصي بمعنى اتقوا الله ربكم فلا تشركوا به ، وقوله (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) يخبرهم بأنه رسول الله إليهم يبلغهم عن الله أمره ونهيه وأنه أمين على ذلك فلا يزيد ولا ينقص فيما أمره ربه بإبلاغه إليهم ، وعليه (فَاتَّقُوا (٣) اللهَ وَأَطِيعُونِ) أي بوصفي رسول الله إليكم فإن طاعتي واجبة عليكم حتى أبلغكم ما أرسلت به إليكم.
وقوله (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي على إبلاغ رسالتي إليكم من أجر أي من أي أجر كان. ولو قل (إِنْ أَجْرِيَ) أي ما أجري إلا على رب العالمين سبحانه وتعالى إذ هو الذي أرسلني وكلفني فهو الذي أرجو أن يثييني على حمل رسالتي إليكم وإبلاغها إيّاكم. وعليه فاتقوا الله أي خافوا عقابه بترك الشرك به والمعاصي وأطيعوني بقبول ما أبلغكم به لتكملوا وتسعدوا.
وقوله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ (٤) آيَةً تَعْبَثُونَ) ينكر هود على قومه إنهماكهم في الدنيا
__________________
(١) جملة مستأنفة استئناف انتقال لعرض الأحداث التاريخية تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم وموعظة وذكرى لغيره ، وعاد بمعنى القبيلة فلذا أنّث الفعل معها ، وكانت منازل عاد وديارهم ما بين عمان وحضر موت شرقا وغربا ومتغلغلة في الشمال إلى الرمال وهي الأحقاف.
(٢) الاستفهام معناه الأمر والحض على التقوى التي هي خوف من الله تعالى يحمل على الإيمان به وعبادته وترك عبادة ما سواه.
(٣) الفاء : للتفريع فالجملة متفرعة عن جملة (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) أي : فينادي إني رسول أمين فاتبعوا ما أقول لكم (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) وحذفت الياء من (فاتقون) مراعاة لرؤوس الآي.
(٤) الرّيع : المكان المرتفع أو الطريق الفج بين الجبيلين ، والآية العلامة : الدالة على الطريق والمراد : بناء عال هو آية في الفنّ المعماري.