وانشغالهم بما لا يعني وإعراضهم عما يعنيهم فيقول لهم كالمنكر عليهم أتبنون بكل ريع أي مكان عال مرتفع آية أي قصرا مشيدا آية في ارتفاعه وعلوه. تعبثون حيث لا تسكنون فيما تبنون فهو لمجرد اللهو والعبث وقوله (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) وهي مبان عالية كالحصون أو خزانات الماء أو الحصون (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (١) أي كيما تخلدون ، وما أنتم بخالدين ، وإنما مقامكم فيها قليل. وقوله (وَإِذا بَطَشْتُمْ (٢) بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) أي إذا سطوتم على أحد تسطون عليه سطو العتاة الجبارين فتأخذون بعنف (٣) وشدة بلا رحمة ولا رفق (فَاتَّقُوا اللهَ) يا قوم فخافوا عقابه وأليم عذابه ، (وَأَطِيعُونِ) فيما أدعوكم إليه وأبلغكموه عن ربي فإن ذلك خير لكم من الإعراض والتمادي في الباطل.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الأمر بالتقوى من النصح للمأمور بها ، لأن النجاة والفوز لا يتمان للعبد إلا عليها.
٢ ـ الرسل أمناء على ما يحملون وما يبلغون الناس.
٣ ـ حرمة أخذ الأجرة على بيان الشرع والدعوة إلى ذلك.
٤ ـ ينبغي للعبد أن لا يسرف فيبني ما لا يسكن ويدخر ما لا يأكل.
٥ ـ استنكار العنف والشدة في الأخذ وعند المؤاخذة.
(وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠))
__________________
(١) في الجمل الثلاثة تبنون وتتخذون ولعلكم تخلدون توبيخ لهم على هذا السلوك وإنكار عليهم.
(٢) البطش : السطوة والأخذ بعنف ، والجبار : القتال في غير حق والمتسلط العاتي.
(٣) ويدل على قوتهم وشدّتهم قولهم : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) من سورة فصّلت وكان العرب ينسبون الشيء القوي إلى عاد فيقولون : هذا عادي.