شرح الكلمات :
(أَمَدَّكُمْ) : أي أعطاكم منعما عليكم.
(بِأَنْعامٍ) : هي الإبل والبقر والغنم.
(عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : هو يوم هلاكهم في الدنيا ويوم بعثهم يوم القيامة.
(سَواءٌ عَلَيْنا) : أي مستو عندنا وعظك وعدمه فإنا لا نطيعك.
(إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) (١) : أي ما هذا الذي تعظنا فيه من البناء وغيره إلا دأب وعادة الأولين فنحن على طريقتهم ، وما نحن بمعذبين.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في الحوار الذي دار بين نبي الله هود عليهالسلام وبين قومه المشركين إذ أمرهم بالتقوى وبطاعته وأمرهم أيضا بتقوى الله الذي أمدهم أي أنعم عليهم بما يعلمونه من أنواع النعم فإن طاعة المنعم شكر له على إنعامه ومعصيته كفر لإنعامه فقال (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ) (٢) وبين ذلك بقوله (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ) أي مواشي من إبل وبقر وغنم (وَبَنِينَ) أي أولاد ذكور وإناث (وَجَنَّاتٍ) أي بساتين (وَعُيُونٍ) لسقيها وسقيكم وتطهيركم (٣) ، ثم قال لهم في إشفاق عليهم (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) إن أنتم أصررتم على الشرك والمعاصي وقد يكون عذابا في الدنيا وعذابا في الآخرة ، وقد عذبوا في الدنيا بإهلاكهم ويعذبون في الآخرة لأنهم ماتوا كفارا مشركين عصاة مجرمين ، كان هذا ما وعظهم به نبيهم هود عليهالسلام ، وكان ردهم على وعظه ما أخبر تعالى به في قوله (قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) أي مستو عندنا وعظك أي تخويفك وتذكيرك وعدمه فما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ، وما نحن لك بمؤمنين وقالوا (إِنْ هذا) الذي نحن عليه من البناء والإشادة وعبادة آلهتنا (إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) (٤) أي دأب وعادة من سبقنا من الناس ، (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) عليه قال تعالى مخبرا عن نتيجة ذلك
__________________
(١) قرأ الجمهور (خُلُقُ) بضم كل من الخاء واللام وهو بمعنى السجية المتمكنة في النفس الباعثة على عمل ما يناسبها ويقال له : القوى النفسية وقرأ غير الجمهور خلق بفتح الخاء وسكون اللام وهو بمعنى الاختلاق والكذب أي : ما تقوله لنا إنما هو كذب واختلاق.
(٢) أي : من الخيرات ثم فسرها بقوله : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
(٣) فهو الذي يحبّ أن يعبد فيذكر ويشكر ولا يكفر.
(٤) اختلف في تحديد معنى قولهم : (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) بفتح الخاء وإسكان اللام أي : اختلاقهم وكذبهم ومن قرأ (خُلُقُ) بضم الخاء واللام معناه عاداتهم لأنّ الخلق يطلق على الدين والطبع والمروءة ، وما في التفسير أولى بتوجيه الآية.