(مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) : أي طين يابس له صلصلة من حمإ أي طين أسود متغير.
(مِنْ نارِ السَّمُومِ) : نار لا دخان لها تنفذ في المسام وهي ثقب الجلد البشري.
(فَإِذا سَوَّيْتُهُ) : أي أتممت خلقه.
(فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) : أي خرّوا له ساجدين.
معنى الآيات :
ما زال السياق في ذكر مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته. قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) أي آدم (مِنْ صَلْصالٍ) أي طين يابس يسمع له صوت صلصلة. (مِنْ حَمَإٍ (١) مَسْنُونٍ) أي طين أسود متغير الريح ، هذا مظهر من مظاهر القدرة والعلم. وقوله : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) من قبل خلق آدم والجان هو (٢) أبو الجن خلقناه (مِنْ نارِ السَّمُومِ) ونار السموم نار لا دخان لها تنفذ في مسام الجسم .. وقوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) أي اذكر يا رسولنا إذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم أي سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة لآدم ، إذ المعبود هو الآمر المطاع وهو الله تعالى. فسجدوا (إِلَّا إِبْلِيسَ (٣) أَبى) أي امتنع أن يكون مع الساجدين. وقوله : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) أي أي شيء حصل لك حتى امتنعت أن تكون من جملة الساجدين من الملائكة؟ فأظهر اللعين سبب امتناعه وهو حسده لآدم واستكباره ، فقال (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ). وفي الآيات التالية جواب الله تعالى ورده عليه.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أصل خلق الإنسان وهو الطين ، والجان وهو لهب النار.
٢ ـ فضل السجود ، إذ أمر تعالى به الملائكة فسجدوا أجمعون إلا إبليس.
__________________
(١) ترتيب طينة آدم التي خلق منها كما في الآية هكذا : تراب بلّ بالماء فصار طينا ثمّ ترك حتى أنتن فصار حمأ مسنونا أي : متغيّرا ثمّ يبس فصار صلصالا والمسنون : المتغيّر ، بسبب مكثه مدّة كسنة مثلا.
(٢) وفي صحيح مسلم قوله صلىاللهعليهوسلم : (خلقت الملائكة من نور ، وخلقت الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم).
(٣) قال ابن عباس رضي الله عنهما : الجان : أبو الجن وليسوا شياطين ، والشياطين ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس ، والجنّ يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر فآدم أبو الإنس ، والجان أبو الجن ، وإبليس أبو الشياطين.