(قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) : أي قل لهم يا رسولنا الآيات عند الله ينزلها متى شاء.
(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) : أي أو لم يكفهم فيما طلبوا من الآيات إنزالنا الكتاب عليك.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى) : أي في القرآن رحمة وموعظة للمؤمنين فهو خير من ناقة صالح.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) : وهو ما يعبد من دون الله.
(وَكَفَرُوا بِاللهِ) : وهو الإله الحق.
(أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) : أي حيث استبدلوا الكفر بالإيمان.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تقرير النبوة المحمدية فقوله تعالى : (وَقالُوا) أي أهل مكة (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ (١) مِنْ رَبِّهِ) أي هلّا أنزل على محمد آيات من ربّه كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى إذ هذا الذي يعنون بالآيات أي معجزات خارقة للعادة. قال تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم قل يا رسولنا لقومك المطالبين بالآيات دليلا على صدق نبوّتك قل لهم : أولا : الآيات التي تطالبون بها هي عند الله وليست عندى فهو تعالى ينزّلها متى شاء وعلى من شاء. وثانيا (إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي وظيفتي التي أقوم بها هي إنذار أهل الظلم من عاقبة ظلمهم وهي عذاب النار فلذا لا معنى بمطالبتي بالآيات. وثالثا (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) (٢) آية أن الله تعالى أنزل عليّ كتابه فأنا أتلوه عليكم صباح مساء فأي آية أعظم من كتاب من أميّ لا يقرأ ولا يكتب تتلى آياته تحمل الهدى والنور وهو في الوقت نفسه رحمة وذكرى أي موعظة لقوم يؤمنون فهي معجزة ثابتة قائمة باقية يجد فيها المؤمنون الرحمة فيتراحمون بها ويجدون فيها الموعظة فهم يتعظون بها ، فأين هذا من معجزة تبقى ساعة ثم تذهب وتروح كمائدة عيسى أو عصا موسى. ورابعا : شهادة الله برسالتي كافية لا يطلب معها دليل آخر على نبوتي ورسالتي ، فقد قال لي ربي : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
__________________
(١) قرأ ابن كثير وحمزة : آية بالافراد ، وقرأ الجمهور ونافع وحفص بالجمع (آياتٌ).
(٢) أخرج الدارمي في سننه أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أتي بكتف فيه كتاب فقال (كفى بقوم ثلاثة : أن يرغبوا عما جاءهم به نبيّهم إلى ما جاء به نبي غير نبيّهم أو كتاب غير كتابهم فأنزل الله تعالى هذه الآية : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ).