تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) أي لا يخرجون منها ولا يموتون فيها. هذا بيان لمن مات وهو مؤمن عامل بالصالحات ومنها الهجرة في سبيل الله. وقوله (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) أي ذلك الإنزال في الغرف في الجنان هو الإسعاد المترتب على الإيمان والهجرة والعمل الصالح فالإيمان والهجرة والعمل الصالح عمل والجنة وما فيها من النعيم أجرة ذلك العمل. وأثنى الله تعالى على الجنة فقال : (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ووصفهم بقوله (الَّذِينَ صَبَرُوا) أي على الإيمان والهجرة والطاعة (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فخرجوا من ديارهم تاركين أموالهم لا يحملون معهم زادا كل ذلك توكلا على ربهم وقوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ (١) مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) لضعفها وعجزها أي وكثير من الدواب من الإنسان والحيوان من يعجز حتى عن حمل طعامه أو شرابه لضعفه والله عزوجل يرزقه بما يسخر له من أسباب وما يهيىء له من فرص فيطعم ويشرب كالأقوياء والقادرين ، وعليه فلا يمنعنكم عن الهجرة مخافة الفاقة والفقر فالله تعالى تكفل برزقكم ورزق سائر مخلوقاته. (وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوالكم (الْعَلِيمُ) (٢) ببواطنكم وظواهركم وأعمالكم وأحوالكم فارهبوه ولا ترهبوا سواه فإن في طاعته السعادة والكمال وفي معصيته الشقاء والخسران.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١) لا عذر لأحد في ترك عبادة الله وتوحيده فيها لأنه إن منع منها في بلد وجب عليه أن يهاجر إلى بلد آخر.
٢) لا معنى للخوف من الموت إذا وجب العمل كالهجرة والجهاد لأن الموت حق ولا بد منه.
٣) بيان جزاء أهل الصبر والتوكل من أهل الإيمان والهجرة والتقوى.
٤) لا يمنعن المؤمن من الهجرة خوفه من الجوع في دار هجرته إذ تكفل الله برزقه.
__________________
(١) (وَكَأَيِّنْ) : أصلها أي دخلت عليها كاف التشبيه وصار فيها معنى كم ، والتقدير : أي كشيء كثير من العدد من دابة قال ابن عباس : الدواب هي كل ما دبّ من الحيوان فكله لا يحمل رزقه ولا يدخر إلّا ابن آدم والنمل والفأر.
(٢) وهو السميع لدعائكم العليم بما في نفوسكم من إخلاص لله تعالى في أعمالكم وتوكلكم ورجائكم من الرزق.