(مَلْعُونِينَ) : أي مبعدين عن الرحمة.
(أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا) : أينما وجدوا أخذوا أسرى وقتلوا تقتيلا.
(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) : أي سن الله هذا سنة فى الأمم الماضية اينما ثقف المنافقون والمرجفون أخذوا وقتلوا تقتيلا.
(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) : أي منه تعالى إذ هي ليست أحكاما يطرأ عليها التبديل والتغيير بل هي سر التشريع وحكمته.
معنى الآيات :
لقد تقدم أن بعض النسوة اشتكين ما يلقينه من تعرض المنافقين لهن عند خروجهن ليلا لقضاء الحاجة ، وأن الله تعالى أمر نساء المؤمنين أن يدنين من جلابيبهن وعلة ذلك أن يعرفن أنهن حرائر فلا يتعرض لهن المنافقون وكان ذلك إجراء وقائيا لا بد منه ، ثم أقسم الجبار بقوله (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ (١) الْمُنافِقُونَ) أي وعزتي وجلالي لئن لم ينته هؤلاء المنافقون من نفاقهم وأعمالهم الاستفزازية والذين في قلوبهم مرض الشهوة وحب الفجور والمرجفون الذين يكذبون الأكاذيب المرجفة أي المحركة للنفوس كقولهم : العدو زاحف على المدينة والسرية الفلانية انهزمت أو قتل أكثر افرادها لئن لم ينته هؤلاء لنغرينك (٢) بهم أي لنحرشنّك بهم ثم لنسلّطنّك عليهم. ثم لا يجاورونك فيها أي في المدينة الا قليلا ، ثم يخرجوا منها أو يهلكوا ملعونين أي يخرجون ملعونين أي مطرودين من الرحمة الإلهية التي تصيب سكان المدينة النبوية ، وحينئذ أينما ثقفوا أي وجدوا وتمكن منهم أخذوا أي أسرى وقتلوا تقتيلا حتى لا يبقى منهم أحد.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٦٠) (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ ..) والثانية (٦١) (مَلْعُونِينَ ...) الخ. أما الآية الثالثة (٦٢) (سُنَّةَ اللهِ (٣) فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ، أي لقد سن الله تعالى هذا سنة في المنافقين من أنهم إذا لم ينتهوا يلعنون ثم يسلط عليهم من يأخذهم ويقتلهم تقتيلا ، وقوله : (وَلَنْ (٤) تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) يخبر تعالى أن ما كان من قبل السنن كالطعام
__________________
(١) يرى الكثيرون أن الصفات الثلاث لجنس واحد وهم المنافقون فقد اجتمعت فيهم هذه الصفات الثلاث والواو مفحمة وليست للعطف وشاهده قول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
فهو رجل واحد بثلاث صفات.
(٢) لنغرينك اللام للقسم أي وعزتنا وجلالنا لنغرينك.
(٣) سنه منصوب على المصدر أي سنّ الله تعالى ذلك سنة ثم أضيف المصدر إلى فاعله.
(٤) الجملة تذييلية المراد بها تأكيد العذاب الحائق بالمنافقين وأتباعهم إن لم ينتهو أو يتوبوا والمعنى لن تجد لسنن الله مع الذين خلوا من قبل ولا مع الحاضرين ولا مع الآتين تبديلا.