والحكمة إنه وحده تعالى زين السماء الدنيا أي القريبة من الأرض بزينة هي الكواكب المشرقة المنيرة. وقوله (وَحِفْظاً (١) مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) أي وحفظنا السماء حفظا تاما من كل شيطان عاد متمرد عن الطاعة. وقوله (لا يَسَّمَّعُونَ (٢) إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) أي لا يتسمعون إلى الملائكة في السماء حتى لا ينقلوا أخبار الغيب إلى أوليائهم من الكهان في الأرض. وقوله (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) أي ويرمى أولئك المردة من الشياطين من قبل الملائكة من كل جهة من جهات السماء (دُحُوراً) أي لدحرهم وإبعادهم. وقوله تعالى (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٣) لأولئك المردة من الشياطين عذاب واصب موجع دائم وقوله (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) أي اختطف الكلمة بسرعة (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ (٤) ثاقِبٌ) أي كوكب مضيىء فثقبه فقتله أو أحرقه أو خبله أي أفسده ، وبهذا حميت السماء بالملائكة من دخول الشياطين إليها واستراق السمع. والحمد لله.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن الله تعالى يقسم ببعض مخلوقاته إما تنويها بعظمتها المقرر ضمنا لعظمة خالقها وإما بيانا لفضلها وإما لفتا لنظر العباد إلى ما فيها من الفوائد.
٢ ـ تقرير التوحيد وأنه لا إله إلا الله.
٣ ـ بيان الحكمة من وجود النجوم في السماء الدنيا.
٤ ـ بيان أن الشياطين حرموا من استراق السمع ، ولم يبق مجال لكذب الشياطين على الناس بعد أن منعوا من استراق السمع (٥).
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ
__________________
(١) قال أهل العلم النجوم لثلاثة للاهتداء بها في ظلمات البر والبحر وكزينة للسماء بما فيها من أنوار وللحفظ من الشياطين أن يسترقوا السمع من الملائكة فمن طلبها لغيرها فقد أساء واعتدى.
(٢) قرأ الجمهور لا يسمعون بسكون السين وتخفيف الميم وقرأ حفص عن عاصم (لا يَسَّمَّعُونَ) بتشديد السين والميم مفتوحتين الأصل لا يتسمعون من التسمع فقلبت التاء سينا وأدغمت في السين.
(٣) الواصب : الدائم يقال وصب يصب وصوبا إذا دام وهو عذاب الآخرة.
(٤) يقال له في علم الهيئة النيزك وعن ابن عباس الشهاب لا يقتل ولكن يخترق ويخبل.
(٥) صح في الحديث أن من الجائز أن ينجو مسترق السمع من شهب الملائكة ، ويلقي بالكلمة التي استرقها إلى الكاهن أو الساحر بعد ما يضيف إليها تسعا وتسعين كلمة.