(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ) : أي أن كفار مكة لا يتفكرون ولو كانوا يتفكرون لما انكروا البعث ، ولا ما اتخذوا من دون الله شفعاء لوضوح بطلان ذلك.
(قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) : أي قل لهم أيشفع لكم شركاؤكم ولو كانوا لا يملكون شيئا ينكر عليهم دعواهم الشفاعة لهم وهي أصنام لا تملك ولا تعقل.
(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) : أي أخبرهم أن جميع الشفاعات لله وحده فشفاعة الأنبياء والشهداء والعلماء والأطفال مملوكة لله فلا يشفع أحد إلا بإذنه.
(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ) : أي وإذا ذكر الله وحده كقول الرسول صلىاللهعليهوسلم لا إلا إلا الله نفرت نفوس المشركين وانقبضت وظهر الغضب والسخط في وجوههم.
(وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) : أي الأصنام والأوثان التي يعبدونها من دون الله تعالى.
(إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) : أي فرحون جذلون وذلك لافتتانهم بها ونسيانهم لحق الله تعالى وهو عبادته وحده مقابل خلقه ورزقه لهم.
معنى الآيات :
إن السياق الكريم كان في عرض الصراع الدائر بين الرسول صلىاللهعليهوسلم وقومه المشركين فدافع الله تعالى عن رسوله ودفع عنه كل أذى ومكروه وتوعد خصومه بالعذاب في الدنيا والآخرة وهنا يسليه ويصبره فيقول له (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) (١) أي القرآن (لِلنَّاسِ) أي لهداية الناس واصلاحهم (بِالْحَقِ) أي ملتبسا بالحق ، فمن اهتدى بالقرآن فآمن وعمل صالحا فعائد ذلك له حيث ينجو من النار ويدخل الجنة ، ومن ضل لعدم قبوله هداية القرآن فأصر على الشرك والمعاصي فإنما يضل على نفسه أي عائد ضلاله على نفسه إذ هو الذي يحرم الجنة ورضا الله تعالى ويلقى في النار خالدا فيها وعليه غضب من الله لا يفارقه أبدا.
وقوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي لم يوكل إليك أمر هدايتهم فتجد نفسك في هم من ذلك إن عليك إلا البلاغ المبين إنك لم تكلف حفظ أعمالهم ومحاسبتهم عليها ، ولا أمر هدايتهم فتجيرهم على ذلك.
__________________
(١) في الآية مزيد بيان شرفه صلىاللهعليهوسلم بإنزال الكتاب عليه وتقرير رسالته ، واللام في للناس للتعليل والباء في بالحق للملابسة.
وفي الكلام محذوف تقديره لنفع الناس وهدايتهم بقرينة قوله بعد «فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه».