معنى الآيات :
بعد بيان الموقف الصعب في عرصات القيامة في الآيات السابقة قال تعالى لرسوله (وَأَنْذِرْهُمْ) يا رسولنا أي خوف قومك (يَوْمَ الْآزِفَةِ) (١) وهي القيامة القريبة والتي قد قربت فعلا وكل ما هو ـ ات قريب أنذرهم قربها حتى لا يوافوها بالشرك والمعاصي فيخسروا خسرانا مبينا ، أنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب (٢) من شدة الخوف ترتفع إلى الحناجر (٣) وهم يكظمونها فلا هي تخرج فيموتوا ولا هي تعود إلى أماكنها فيستريحوا.
(ما لِلظَّالِمِينَ) وهم أهل الشرك والمعاصي (مِنْ حَمِيمٍ) قريب أو حبيب يدفع عنهم العذاب (وَلا شَفِيعٍ) يشفع لهم وتقبل شفاعته ويطاع فيها لا ذا ولا ذاك يا لفظاعة الحال وقوله تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) (٤) يخبر تعالى عن سعة علمه وواسع اطلاعه أنه يعلم خائنة الأعين وهي العين تسترق النظر إلى المحارم ، ويعلم (ما تُخْفِي الصُّدُورُ) (٥) أي وما تكتمه صدور العباد وما تضمره من خير وشر ، ولذا فسوف يكون الحساب دقيقا ومن نوقش الحساب عذب. (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) أي يحكم بالعدل ، (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ (٦) دُونِهِ) أي والذين يعبدهم المشركون من أصنام وأوثان (لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) (٧) لأنهم لا يسمعون ولا يبصرون.
وقوله (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) السميع لأقوال عباده البصير بأعمالهم وأحوالهم فلذا إذا حكم يحكم بالحق ويقدر على إنفاذ الحكم فيجزى السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان هول يوم القيامة وصعوبة الموقف فيه.
__________________
(١) يقال أزف فلان يأزف أزفا قال النابغة :
أزف الترحل غير أن ركابنا |
|
لما تزل برحالنا وكأن قد |
(٢) (الْقُلُوبُ) : جمع قلب وهو البضعة الصنوبرية الشكل التي تتحرك دائما ما دام الجسم حيا تدفع الدم إلى الشرايين التي بها حياة الجسم.
(٣) الحناجر جمع حنجرة بفتح الحاء والجيم وهي الحلقوم.
(٤) أي الله جل جلاله يعلم الأعين الخائنة قال ابن عباس رضي الله عنهما هو الرجل يكون جالسا مع القوم فتمر المرأة فيسارقهم النظر إليها.
(٥) قال ابن عباس وما تخفي الصدور أي هل يزني بها من سرق النظر إليها لو خلا بها أو لا.
(٦) قرأ نافع تدعون بالتاء وقرأ حفص بالياء (يَدْعُونَ).
(٧) من جملتي والله يقضي بالحق وجملة والذين يدعون من دونه قبلها تألف قصر القضاء على الله تعالى قصر قلب أي دون الأصنام. كما افيد القصر من ضم الجملتين في قول الشاعر :
تسيل على حد الظبات نفوسنا |
|
وليست على غير الظبات تسيل |