معنى الآيات :
تقدم في السياق تخويف الله تعالى لمشركي قريش بعذاب الآخرة ، ومبالغة في نصحهم وطلب هدايتهم خوفهم بعد عذاب الآخرة بعذاب الدنيا لعلهم يتوبون فقال : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي (١) الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) أي أغفل هؤلاء المجاحدون المعاندون ولم يسيروا في البلاد شمالا وجنوبا حيث ديار عاد في الجنوب وديار ثمود في الشمال فينظروا بأعينهم كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كعاد وثمود كان أولئك أشد من هؤلاء قوة وأثارا في الأرض من حيث البناء والعمران والقدرة على الحرب والقتال ، (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) (٢) أي بذنوب الشرك والتكذيب والمعاصي ، ولما أخذهم لم يوجد لهم من عقاب الله وعذابه من واق يقيهم ما أنزل الله بهم وما أحله بساحتهم. فما لهؤلاء المشركين لا يتعظون ولا يعتبرون والعاقل من اعتبر بغيره.
وقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ) بذنوبهم هذا تعليل لأخذ الله لأولئك الأقوام من عاد وثمود وغيرهم إذ ما أخذهم إلا بعد أن أنذرهم وأعذر إليهم فلما أصروا على الكفر والتكذيب أخذهم بذنوبهم. وقوله (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٣) تعليل أيضا للأخذ الكامل الذي أخذهم به لعظم قوته وشدّة عقابه.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير الحكمة القائلة : العاقل من اعتبر بعيره.
٢ ـ الأخذ بالذنوب سنة من سنن الله في الأرض لا تتبدل (٤) ولا تتحول.
٣ ـ من أراد الله عقابه لا يوجد له واق يقيه ، ولا حام يحميه ، ومن تاب تاب الله عليه.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ
__________________
(١) الاستفهام إنكاري ينكر عليهم عدم سيرهم في ديار الهالكين ليروا بأعينهم آثار الهالكين ويفكروا في سبب هلاكهم ليحصل لهم بذلك العبرة المطلوبة لهم.
(٢) الباء في بذنوبهم سببية إذ هلاكهم متسبب عن ذنوبهم وهي الشرك والمعاصي.
(٣) الجملة تعليلية لما قبلها من أخذ الله تعالى المشركين بذنوبهم في التكذيب والشرك والمعاصي.
(٤) إلّا أن يشاء الله إيقافها أو تبديلها فهو على ما يشاء قدير.