دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠))
شرح الكلمات :
(يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) : هامان وزير فرعون والصرح البناء العالي.
(أَسْبابَ السَّماواتِ) : أي طرقها الموصلة إليها.
(وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) : أي وإني لأظن موسى كاذبا في زعمه أن له إلها غيري.
(سُوءُ عَمَلِهِ) : أي قبيح عمله.
(وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) : أي عن طريق الهدى.
(إِلَّا فِي تَبابٍ) : أي خسار وضياع بلا فائدة تذكر.
(إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) : أي ما هذه الدنيا إلا متاع يتمتع به وقتا ثم يزول.
(دارُ الْقَرارِ) : أي الاستقرار والبقاء الأبدي.
(يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) : أي رزقا واسعا بلا تبعة ولا تعقيب.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فيما يدور من كلام بين مؤمن آل فرعون وفرعون نفسه إذ تقدم قول المؤمن وما حواه من نصح وإرشاد وها هو ذا فرعون يرد بطريق غير مباشر على (١) ما قاله المؤمن فقال : لوزيره هامان (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) أي بناء عاليا (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي (٢) لَأَظُنُّهُ كاذِباً) أي في دعواه أن له إلها غيري وهذا من فرعون مجرد مناورة كاذبة يريد أن يموه بها على غيره إبقاء على مركزه وقوله تعالى : (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ) أي ومثل هذا التزيين في قول فرعون زين له سوء عمله وهو أقبح ما يكون ، (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) (٣) أي وصرف عن
__________________
(١) خاف فرعون أن يؤثر كلام مؤمن آل فرعون في الذين سمعوه فأوهم أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد فإن بان له صوابه لم يخفه عنهم ، وإن لم يظهر صوابه ثبتهم على دينهم فقال لوزيره ابن لي صرحا الخ.
(٢) أسباب السموات بدل من أسباب الأول. والأسباب جمع سبب وهو ما يوصل إلى مكان بعيد فيطلق على الحبل ويطلق على الطريق والمراد هنا طرق السموات كما في قول زهير :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه |
|
وان يرق أسباب السماء بسلم |
(٣) قرأ نافع وصد بفتح الصاد من صد اللازم يصدّ أو المتعدي أي صد نفسه وصد غيره وقرأ حفص (وَصُدَّ) بالبناء للمجهول أي بصدّ الصاد أي صده الله وصرفه عقوبة له لشدة كفره وظلمه.