طريق الحق والهدى ، وقوله تعالى : (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ) أي مكره وتدبيره لقتل موسى عليهالسلام وقتل أبناء المؤمنين (إِلَّا فِي تَبابٍ) أي خسار وضياع لم يتحقق منه شيء ، لأن الله تعالى ولي موسى والمؤمنين فلم يمكن فرعون منهم بحال. وبعد أن أخبر تعالى عن فرعون في محاولته الفاشلة أخبر تعالى عن الرجل المؤمن (١) وما قاله للقوم من نصح وإرشاد فقال : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) أي طريق الرشد والصواب في حياتكم لتنجوا من العذاب وتفوزوا بالنعيم المقيم في الجنة. فقال : (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) أي لا تعدو كونها متاعا قليلا يتمتع به ثم يذهب سريعا ، (وَإِنَّ الْآخِرَةَ) أي الحياة الآخرة بعد انتهاء هذه الحياة (هِيَ دارُ (٢) الْقَرارِ) أي الاستقرار والإقامة الأبدية ، فاعملوا لدار البقاء وتجافوا عن دار الفناء واعلموا أن الحساب سريع وأن (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) وذلك لعدالة الرب تبارك وتعالى ، ومن عمل صالحا من الأعمال الصالحة التي شرعها الله لعباده وتعبدهم بها والحال (٣) أنه مؤمن أي مصدق بالله وبوعده ووعيده يوم لقائه فأولئك أي المؤمنون العاملون للصالحات (٤) من الذكور والإناث يدخلون الجنة دار السّلام يرزقون فيها بغير حساب أي رزقا واسعا لا يلحق صاحبه تبعة ولا تعب ولا نصب.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ التحذير من تزيين الأعمال القبيحة نتيجة الإدمان عليها والاستمرار على فعلها فإن من زينت له أعماله السيئة فأصبح يراها حسنة هلك والعياذ بالله.
٢ ـ التحذير من الاغترار بالدنيا والغفلة من الآخرة إذ الأولى زائلة والآخرة باقية واختبار الباقي على الفاني من شأن العقلاء.
٣ ـ مشروعية التذكير بالحساب والجزاء وما يتم في الدار الآخرة من سعادة وشقاء.
__________________
(١) (هُوَ مُؤْمِنٌ) آل فرعون الذي أظهر ايمانه بعد كتمانه.
(٢) يريد بالدار دار السّلام الجنة ودار البوار النار.
(٣) لأن جملة قوله تعالى (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) حالية وإن كانت شرطا في صحة الأعمال الصالحة وفي قبولها ولذا لمّا لم يذكر الإيمان قبل العمل الصالح ذكره في الجملة الحالية ليدلل على تقدمه وشرطيته.
(٤) قرأ الجمهور (يَدْخُلُونَ) بالبناء للفاعل وقرأ بعض يدخلون بضم الياء وفتح الخاء بالبناء للمجهول والمعنى واحد إذ من دخل دخل بإذن الله ومن أدخل أدخل بإذن الله وفضله.