(وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) : أي طرقا.
(لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) : أي إلى مقاصدكم فى أسفاركم.
(ماءً بِقَدَرٍ) : أي على قدر الحاجة ولم يجعله طوفانا مغرقا ومهلكا.
(فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) : أي فأحيينا به بلدة ميتا أى لا نبات فيها ولا زرع
(كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) : أي مثل هذا الإحياء للأرض الميتة بالماء تحيون أنتم وتخرجون من قبوركم.
(وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) : أي خلق كل شيء إذا الأشياء كلها زوج ولم يعرف فرد إلا الله.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ) : أي السفن ، والإبل.
(لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) : أي تستقروا على ظهور ما تركبون.
(وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) : أي مطيقين ولا ضابطين.
(وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) : أي لصائرون إليه راجعون.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فى دعوة المشركين إلى التوحيد بقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي ولئن سألت يا رسولنا هؤلاء المشركين من قومك قائلا من خلق السموات والأرض أى من أنشأهن وأوجدهن بعد عدم لبادروك بالجواب قائلين الله ثم هم مع اعترافهم بربوبيته تعالى لكل شيء يشركون فى عبادته أصناما وأوثانا. فى آيات أخرى صرحوا باسم الجلالة الله وفى هذه الآية قالوا : العزيز العليم (١) أى الله ذو العزة التي لا ترام والعلم الذى لا يحاط به. وقوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) أى فراشا وبساطا (٢) كمهد الطفل وهذا من كلام الله تعالى لا من كلام المشركين إذ انتهى كلامهم عند العزيز العليم فلما وصفوه تعالى بصفتي العزة والعلم ناسب ذلك ذكر صفات جليلة أخرى تعريفا لهم بالله سبحانه وتعالى فقال تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) أي بساطا وفراشا ، (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) أى طرقا (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) إلى مقاصدكم لنيل حاجاتكم فى البلاد هنا وهناك ، (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) وهو المطر بقدر أي بكميات موزونة على قدر الحاجة منها فلم تكن ضحلة قليلة لا تنفع ولا طوفانا مغرقا مهلكا ، وقوله
__________________
(١) من الجائز أن يكون العزيز العليم من قول المشركين إذ هم لا ينكرون عزة الله وعلمه وقدرته كما درجنا عليه في التفسير إذ هو الظاهر من اللفظ والسياق وجائز أن يكون من قول الله تعالى وهما صفتان لاسم الجلالة (الله) الذي أجابوا به في غير آية من القرآن ثم ذكر من صفاته الموجبة لعبادته وحده دون من سواه فذكر ست صفات من صفات الجلال والكمال وهي متضمنة إنعامه وإفضاله على عباده بخلقهم ورزقهم.
(٢) كون الأرض مهدا لا ينافي كون جسمها كرويا.