(ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) : أي أقام طوال نهاره مسود الوجه من الحزن وهو ممتلىء غيظا.
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) : أي أيجترثون على الله ويجعلون له جزءا هو البنت التى تربى فى الزينة.
(وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) : أي غير مظهر للحجة لضعفه بالأنوثة.
(عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) : أي لأنهم قالوا بنات الله.
(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) : أي أحضروا خلقهم عند ما كان الرحمن يخلقهم.
(سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) : أي سيكتب قولهم إن الملائكة إناثا.
(وَيُسْئَلُونَ) : أي يوم القيامة عن شهادتهم الباطلة ويعاقبون عليها.
(ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) : أي دعواهم أن الله راض عنهم بعبادة الملائكة لا دليل لهم عليه ولا علم.
(إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) : أي ما هم إلا يكذبون يتوارثون الجهل عن بعضهم بعضا.
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) : أي أم انزلنا عليهم كتابا قبل القرآن.
(فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) : أي متمسكون بما جاء فيه ، والجواب لم يقع ذلك أبدا.
(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) : أي إنهم لا حجة لهم إلا التقليد الأعمى لآبائهم.
(وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) : أي علي طريقتهم وملتهم ماشون وهى عبادة غير الله من الملائكة وغيرهم من الأصنام والأوثان.
(إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) : أي متنعموها.
(إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) : أي ملّة ودين.
(وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) : أي على طريقهم متبعون لهم فيها.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد ، والمكذبين إلى التصديق فقال تعالى منكرا عليهم باطلهم موبخا لهم على اعتقاده والقول به ، فقال (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) أي وجعل أولئك المشركون الجاهلون لله جزءا أي نصيبا من خلقه حيث قالوا الملائكة بنات الله ، وهذا من أكذب الكذب وأكفر الكفر إذ كيف عرفوا أن الملائكة إناث ، وأنهم بنات الله ، وأنهم يستحقون العبادة مع الله فعبدوهم؟ حقا (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (١) مُبِينٌ) أي كثير الكفر وكبيره وبينه لا يحتاج فيه إلى دليل وقوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذَ (٢) مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ (٣) بِالْبَنِينَ) أي أتقولون أيها المشركون المفترون اتخذ الله مما يخلق من
__________________
(١) قال الحسن بعد المصائب وينسى النعم ومبين معناه مظهر للكفر.
(٢) (أَمِ اتَّخَذَ) الميم صلة اي زائدة لتقوية الكلام والاستفهام للتوبيخ والتأنيب.
(٣) (أَصْفاكُمْ) قال القرطبي : اختصكم وأخلصكم بالبنين يقال أصفيته بكذا أي آثرته به وأصفيته الود أخلصته له.