والملائكة فى النار فقد رضينا أن نكون وآلهتنا معهم ففرح بها المشركون (١) وصدوا وضجوا بالضحك. (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) أي المسيح؟ قال تعالى لرسوله : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) أى ما ضرب لك ابن الزبعرى هذا المثل طلبا للحق وبحثا عنه وانما ضربه لك لأجل الجدل والخصومة (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) مجبولون على الجدل والخصام.
وقوله (إِنْ هُوَ) أي عيسى (إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالنبوة والرسالة ، (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) يستدلون به على قدرة الله وانه عزوجل على كل ما يشاء قدير إذ خلقه من غير أب كما خلق آدم من تراب ثم قال له كن فكان.
وقوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) أي ولو نشاء لأهلكناكم يا بنى آدم ولم نبق منكم أحدا. وجعلنا بدلكم فى الأرض ملائكة يخلفونكم فيها فيعمرونها ويعبدون الله تعالى فيها ويوحدونه ولا يشركون به سواه.
وقوله (وَإِنَّهُ (٢) لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) أي وإن عيسى عليهالسلام لعلامة للساعة أي إن نزول عيسى عليهالسلام فى آخر الزمان علامة على قرب الساعة. (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) أى فلا تشكّن فى إتيانها فانها آتية وقريبة. وقوله (وَاتَّبِعُونِ) أى وقل لهم يا رسولنا واتبعون على التوحيد وما جئتكم به من الهدى (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أى الإسلام القائم على التوحيد الذى نزل به القرآن وجاء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم. (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) عن الإسلام بوساوسه وإغوائه فيصرفكم عن التوحيد والإسلام (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) وليس أدل على عداوته من أنه اخرج آدم بإغوائه من الجنة حسدا له وبغيا عليه. فمثل هذا العدو لا يصح أبدا الاستماع إليه والمشي وراءه واتباع خطواته. ومن يتبع خطواته يهلك.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن قريشا أوتيت الجدل والقوة فى الخصومة.
٢ ـ ذم الجدل لغير إحقاق حق أو إبطال باطل وفى الحديث ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل.
٣ ـ شرف عيسى وعلو مكانته وأن نزوله إلى الأرض علامة كبرى من علامات قرب الساعة.
٤ ـ تقرير البعث والجزاء.
٥ ـ حرمة اتباع الشيطان لأنه يضل ولا يهدى.
__________________
(١) قرأ نافع يصدون من صد يصد عن كذا إذا أعرض فيصدون بمعنى يعرضون عن القرآن ويقولون إن فيه تناقضا من أجل فرية ابن الزبعرى ، وقرأ حفص (يَصِدُّونَ) بكسر الصاد من الصد بمعنى الصخب والضجيج.
(٢) وجائز أن يكون الضمير في (وَإِنَّهُ) عائد إلى القرآن أو إلى المنزّل عليه محمد صلىاللهعليهوسلم إذ قال صلىاللهعليهوسلم بعثت أنا والساعة كهاتين وقرن بين السبابة والوسطى مشيرا إليهما. وما في التفسير مروي عن كبار التابعين مجاهد وقتادة وابن عباس الصاحب الجليل رضي الله عنهما ولذا قدمته في التفسير.