من سنة الله تعالى هذا بل لا يهلك أمة حتى يبعث في أم بلادها رسولا يتلو عليهم آيات الله المبينة للحق من الباطل والخير من الشر وجزاء ذلك وقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها (١) ظالِمُونَ) أي ولم يكن من سنة الله تعالى في عبادة أن يهلك القرى إلا بعد ظلم أهلها.
فللإ هلاك شرطان :
الأول : أن يبعث الرسول يتلو آياته فيكذب ويكفر به وبما جاء به.
والثاني : أن يظلم أهل القرى ويعتدوا وذلك باظهار الباطل والمنكر وإشاعة الشر والفساد في البلاد وهذا من عدل الله تعالى ورحمته بعباده إنه لأرحم بهم من أنفسهم ، وكيف ومن أسمائه وصفاته الرحمن الرحيم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير مبدأ لا هادي إلا الله. الهداية المنفية هي انارة قلب العبد وتوفيق العبد للإيمان وعمل الصالحات ، وترك الشرك والمعاصي. والهداية المثبتة ، يقول الله تعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم. تلك هداية الدعوة والوعظ والارشاد ، ومنه (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أي يدعوهم إلى الهدى.
٢ ـ مظاهر قدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته فيما ألقاه في قلوب العرب المشركين الجاهلين من تعظيم الحرم وأهله ليهيء بذلك لسكان حرمه أمنا وعيشا كما قال تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قريش (٢ ـ ٤).
٣ ـ من رحمة الله وعدله أن لا يهلك أمة من الأمم إلا إذا توفر لهلاكها شرطان :
١ ـ أن يبعث فيهم رسولا يتلو عليهم آيات الله تحمل الهدى والنور.
٢ ـ أن يظلم أهلها بالتكذيب للرسول والكفر بما جاء به والاصرار على الكفر والمعاصي.
٤ ـ التاريخ يعيد نفسه كما يقولون فما اعتذر به المشركون عن قبول الإسلام بحجة تألب العرب عليهم وتعطيل تجارتهم يعتذر به اليوم كثير من المسؤولين فعطلوا الحدود وجاروا الغرب في فصل الدين عن الدولة واباحوا كبائر الاثم كالربا وشرب الخمور وترك الصلاة حتى لا يقال عنهم أنهم رجعيون متزمتون فيمنعوهم المعونات ويحاصرونهم اقتصاديا.
__________________
(١) أي : إلّا بعد أن ظلموا بالشرك والمعاصي بارتكاب عظائم الذنوب وكبائر الآثام ، وذلك لتنزّه الرب تبارك وتعالى عن الظلم.