من نعيم الجنة (خَيْرٌ وَأَبْقى) خير في نوعه وأبقى في مدته ، فالأول رديء وتصحبه المنغصات ويعقبه الكدر ، والثاني جيد صالح خال من المنغصات والكدورات وباق لا يبلى ولا يفنى ولا يزول ولا يموت صاحبه ويخلفه وراءه. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) يا من تؤثرون الفاني على الباقي والردىء على الجيد والخبيث على الطيب. وقوله تعالى : (أَفَمَنْ (١) وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) وهو المؤمن الصادق في إيمانه المؤكد له بصالح عمله ، (وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) وهو الجنة دار السّلام (فَهُوَ (٢) لاقِيهِ) أي لاق موعده بإذن الله بمجرد أن يلفظ أنفاسه وتعرج إلى السماء روحه. (كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) فهو يأكل ويشرب وينكح كالبهائم (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) في جهنم في دار العذاب والهوان ، والجواب : لا يستويان أبدا وشتان ما بينهما ، فالأول وهو المؤمن الصالح الموعود بدار السّلام لا يقارن بالكافر المتهالك على الدنيا ثم يتركها فجأة ويجد نفسه مع أهل الكفر والإجرام في عذاب وهون لا يفارقه ولا يخرج منه أبدا.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ فائدة العقل أن يعقل صاحبه دون ما يضره ، ويبعثه على ما ينفعه فإن لم يعقله دون ما يضره ولم يبعثه على ما ينفعه فلا وجود له ، ووجوده كعدمه.
٢ ـ بيان فضل الآخرة على الدنيا.
٣ ـ وعد الله للمؤمن بالجنة خير مما يؤتاه الكافر من مال ومتاع وزينة في الحياة الدنيا.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا
__________________
(١) الاستفهام إنكاري ينكر فيه تعالى التسوية فضلا عن المفاضلة بين مؤمن وعده ربّه النعيم المقيم في الآخرة وكافر متعه اليوم بمتع زائلة فانية عمّا قريب تنتهي وتزول ويؤول أمره إلى دار الشقاء والعذاب الأبدي وهي دار البوار.
(٢) جملة (فَهُوَ لاقِيهِ) معترضة بين طرفي المقابلة في المفاضلة.