ولما ذا يكون ابن جريج مسرفاً في إتيان الفاحشة التي نزلت في أشد المحرمات في مزعمة ـ موسى ـ ولو كان ابن جريج متهاوناً بالدّين ، فلما ذا أخرج عنه أئمة الحديث أرباب الصّحاح الستّ كلّهم ، وحشو المسانيد مرويّاته وأسانيده؟ وقد سمعوا منه اثني عشر ألف حديث يحتاج اليها الفقهاء (١) ، ولو فسد مثله أو فسدت روايته لوجب أن تُمحى صحائف جمّة من جوامع الحديث ، ولا تبقى قيمة لتلكم الصحاح عندئذ ، ولو كان كما يزعمه فلما ذا أطرته أئمّة الرّجال بكلّ ثناء جميل؟ وكيف رآه أحمد إمام الحنابلة أثبت الناس ، وكيف كانوا يُسمّون كتبه كتب الأمانة؟ (٢).
ثمّ ما ذا على الرجل إن عمل بما أدّى إليه اجتهاده وهو يروي في ذلك ثمانية عشر حديثاً؟ وأمّا حديث عدوله عن رأيه فإن صدق نقل الرجل عن أبي عوانة وصدق إسناد أبي عوانة ، ولو كان لبان وظهر وتناقلته الفقهاء ، ولم ينحصر نقله بواحد عن واحد ، ولا سيّما وابن جريج هو ذلك المصرّ على رأيه عمليّاً وعلميّاً ، وإني أحسب أنّ عزو العدول إلى هذا الرجل لدة عزوه إلى حبر الامة عبد الله بن العبّاس الذي كذّبه من كذّبه كما عرفت.
وأمّا ما عزاه ـ موسى ـ إلى الحكومة الإيرانيّة في إدخال المنع
__________________
(١) مفتاح السعادة ٢ ص ١٢٠. (المؤلف).
(٢) راجع تهذيب التهذيب ٦ ص ٤٠٤. (المؤلف).