أحدهما : أنّ أولى موضوع ليدلّ على معنى التفضيل ، ومفعل موضوع ليدلّ على الحدثان أو الزمان أو المكان ، ولم يذكر أحدا من أئمة النحو واللغة أن مفعلا قد يكون بمعنى أفعل التفضيل ، وذلك يوجب امتناع إفادة المولى بمعنى الأولى.
وثانيهما : أنّ المولى لو كان يجيء بمعنى الأولى لصحّ أن يقرن بأحدهما ما صحّ أن يقرن بالآخر ، والثاني باطل ، فالمقدم كذلك ، بيان الشرطية أنّ تصرّف الواضع ليس إلّا في وضع الألفاظ المفردة للمعاني المفردة فأمّا ضمّ بعض الألفاظ إلى بعض الوضع فهو أمر عقلي ، وإذا ثبت ذلك فلفظة الأولى إذا كانت موضوعة لمعنى آخر فصحة دخول إحداهما على الاخرى لا يمكن بالوضع بل بالعقل ، وإذا كان كذلك فلو كان المفهوم من لفظة المولى هو المفهوم من لفظة الأولى في العقل نحكم (١) أيضا بصحّة اقتران مفهومها لمفهوم الأولى لأنّ صحّة ذلك الاقتران ليس بين اللفظين بل بين مفهومهما.
وأمّا أنّه ليس كلّما صحّ دخوله على أحدهما صحّ دخوله على الآخر فظاهر ، إذ لا يقال : مولى من فلان كما يقال أولى منه ، فثبت أنّه لا يجوز حمل المولى على الأولى.
فأمّا النقل عن أئمة اللغة فلا حجة فيه لوجهين :
أحدهما : أنّ أبا عبيدة (٢) قال في قوله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ)
__________________
(١) في نسخة «عا» : نحكم بصحة اقتران مفهوم من مفهوم الأولى نحكم ... وفي نسخة «ضا» : نحكم بصحة اقتران مفهوم من مفهوم الأولى نحكم أيضا ... والراجح أنّ الجملة متكرّرة زائدة.
(٢) معمر بن المثنى البصري اللغوي النحوي (١١٠ ـ ٢١٠ ه).