التواتر ، الأوّل مسلّم والثاني ممنوع فلم قلتم : إنّ ذلك يدلّ على القطع؟
قلنا : اتّفاق الامّة على نقله واعتقاد صحّته دليل جزمهم به.
قوله : إنّ أكثر الامّة تجعله خبر واحد بمعنى أنّهم يعتقدون أنّ صحّته مظنونة لا معلومة إلى آخره.
قلنا : لا نسلّم ، وذلك أنّ أكثر الامّة إذا اعتقدوا بأسرهم مخالفهم ومؤالفهم (١) صحّته خصوصا ، وفي المخالفين لما يتضمّنه هذا الخبر من شديد المعاندة في إنكار مقتضاه ، فيستحيل أن يكون فيه تسليم له ثم بعد ذلك يتعسّف في صرفه عن ظاهره إلى تأويلات نادرة لا تسمن ولا تغني من جوع.
قوله : ولو سلّمنا ذلك لكن ، لا يمكنكم التمسّك بالإجماع ، لجواز (٢) أن يكون الإمام لم يظهر الحقّ لأجل الخوف من الظالمين.
قلنا : مرادنا من الإجماع إطباق الخلق بأسرهم على نقله والتواتر به.
سلّمناه لكن هذا الاعتراف ليس بشيء لأنّ الحقّ إمّا صحّة هذا الخبر أو كذبه ، فإن كان الأوّل فالخلق بأسرهم قد أطبقوا على نقله فالتقيّة ممّن تكون؟ وما مانع الإمام من إظهار الحقّ؟ وإن كان الحقّ كذبه فلا شكّ أنّ مضمونه على ما قرّرناه ممّا ينكره جمهور الخلق فلو كان الإمام يعلم أنّه كذب لكان إظهار ذلك منه ممّا يوافق طباع أكثر الخلق ويحبّوه وتميل أنفسهم إليه ، لأنّهم حينئذ كانوا يستغنون عن التعسّف في تأويله وحمله على الوجوه التي لا يخفى فسادها ، وكانت التقية أيضا عنه زائلة لمساعفة (٣) أكثر الخلق على ذلك.
__________________
(١) في نسخة «عا» : مخالفتهم ومؤالفتهم ، وهو غلط. وفي نسخة «ضا» هنا زيادة (على).
(٢) في نسخة «عا» : يجوز ، وهو غلط.
(٣) من الإسعاف ، بمعنى المساعدة.