الجزيلة ، حتّى أنسى بضروب النعم من سلف من أهل الكرم ، وأمّت كعبة جوده وجوه الهمم من سائر طوائف الامم : عزّ الدنيا والحقّ ، غياث الإسلام والمسلمين ، أبو المظفّر عبد العزيز بن جعفر ـ خلّد الله إقباله ، وضاعف جلاله ، وأبّد فضله وإفضاله ، وحرس عزّه وكماله ـ إذ كانت همّته العلية مقصودة على تحصيل السعادة الأبدية ، أن أكتب له مختصرا في هذا العلم يجمع بين تحقيق المسائل ، وإبطال مذهب الخصم بأوضح الدلائل ، المميزة للحق من الباطل» (١).
وكذلك لم يؤرّخ الكتاب بدءا ولا ختاما ، ولكن كاتب النسخة في سنة ٧١٧ ه أحمد بن أبي عبد الله الآوي كتب في آخر نسخته :
«اتّفق فراغ مصنّفه ومؤلّفه : ملك العلماء علّامة الدهر مفتي الطوائف ، كاشف الحقائق واللطائف ، كمال الملّة والدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني تغمّده الله برحمته بمدينة السلام في العشرين من ربيع الأوّل سنة ست وسبعين وستمائة» (٢).
وعليه وبالقياس إلى تأريخ ولادته في ٦٣٦ ه يكون عمره حينئذ ثلاثين سنة. ولعلّ نسخ هذين الكتابين بلغا إلى علماء الشيعة في حاضرتهم يومئذ بمدينة الحلّة المزيدية ، فرغبوا في لقائه فكانت قصته الشهيرة : «كلّي يا كمّي» بين خروجه من البصرة وقبل انتقاله إلى مدينة السلام (بغداد).
قصّة «كلي يا كمّي»! :
أنّه عطّر الله مرقده كان في أوائل حاله ، معتزلا مشتغلا بالبحث والدراسة والتحقيق ، فكتب إليه فضلاء الحلّة من العراق صحيفة تحتوي على عذله ولومه
__________________
(١) مقدمة قواعد المرام في علم الكلام : ٢٠ ، طبعة قم المقدسة.
(٢) انظر صورة النسخة في الصفحة الأخيرة من مقدمة الكتاب.