عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (النور / ٦١) فقد ذكر فيها البيوت عشر مرّات.
فالآيةُ قيدَ البحث وقعت بين هاتين الطائفتين من الآيات ، أفيصحُّ لنا أن نفسّر قوله (فِي بُيُوتٍ) بالمساجد مع هذه الآيات الكثيرة التي تضمّنت استعمال البيت قبال المسجد؟
٤ ـ إنّ من يُفسّر البيوت بالمساجد يعتمد على رواية موقوفة لابن عباس ومجاهد ، لكنّها لا تقاوم ما ورد مسنداً عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله : روى الحافظ السيوطي قال : أخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة : أنّ رسول الله قرأ هذه الآية (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) فقام إليه رجل قال : أيّ بيوت هذه يا رسول الله؟ قال : «بيوت الأنبياء» ، فقام إليه أبو بكر وقال : يا رسول الله وهذا البيت منها ـ مشيراً إلى بيت علي وفاطمة ـ فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «نعم ومن أفاضلها» (١).
ولأجل رجحان الحديث المسند على الموقوف ، قال الآلوسي في تفسيره بعد نقل الحديث : وهذا إن صحّ لا ينبغي العدول عنه (٢).
ولأجل بعض ما ذكرنا قال أبو حيان : الظاهر أنّ البيوت مطلق يصدق على المساجد والبيوت التي تقع الصلاة فيها وهي بيوت الأنبياء (٣).
__________________
(١) السيوطي ، الدرّ المنثور ٦ : ٢٠٣.
(٢) الآلوسي ، روح المعاني ١٨ : ١٧٤.
(٣) أبو حيان ، البحر المحيط ٦ : ٤٥٨.