بالدفن تحته؟
ولمّا واجهت الوهابية عمل الصحابة في مواراة النبيّ قامت بالتفريق وقالت : إنّ الحرام هو البناء على القبر لا الدفن تحت البناء ، وقد دفنوا النبيّ تحت البناء ولم يبنوا على قبره شيئاً (١).
ونترك هذا الجواب بلا تعليق ، إذ هو في غاية السقوط ، إذ أيّ فرق بين الأمرين ، فإنّ البناء على القبر مَدْعاة للإقبال إليه والتضرّع إليه ، ففيه فتح لباب الشرك وتوسّل إليه بأقرب وسيلة ... (٢).
فإذا كان البناء على وجه الإطلاق ذريعة للشرك وتوجّهاً إلى المخلوق ، فلما ذا نرخّص بعض صوره ونحرّم بعضها الآخر ، وما هذا إلّا لأنّ الوهابية وإن كانوا ينسبون أنفسهم إلى السلفية ، إلّا أنّ السلفية بعيدون عنهم بعد المشرقين.
إلى هنا تمّت دراسة أبي الهياج ، ولندرس حديث جابر الذي هو المستمسك الآخر لمدمّري آثار الرسالة.
* * *
الثانية : دراسة حديث جابر
إنّ الوهابيين يستدلّون بحديث جابر على حرمة البناء على القبور ، وقد ورد بنصوص مختلفة ، ونحن نذكر نصاً واحداً منها : روى مسلم في صحيحه : حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا
__________________
(١) عقيل بن الهادي ، رياض الجنّة ، ط الكويت.
(٢) جمال الدين القاسمي ، محاسن التأويل ٧ : ٣٠.