ويؤيّد ذلك أنّ صاحب الصحيح (مسلماً) عنون الباب ب «باب تسوية القبور» ثمّ روى بسنده إلى تمامه ، قال : كنّا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم ، فتوفّي صاحب لنا ، فأمر فضال بن عبيد بقبره فسوّى ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يأمر بتسويتها ، ثمّ أورد بعده في نفس الباب حديث أبي الهياج المتقدّم (١).
وفي الختام نذكر أُموراً :
١ ـ القول بوجوب مساواة القبر بالأرض مخالف لما اتّفقت عليه كلمات فقهاء المذاهب الأربعة ، وكلّهم متّفقون على أنّه يندب ارتفاع التراب فوق الأرض بقدر شبر (٢).
ولو أخذنا بالتفسير الذي يرومه الوهابي من حديث أبي الهياج من مساواة القبر بالأرض يجب أن يكون القبر لاطئاً مساوياً معه.
٢ ـ لو افترضنا صحّة حديث أبي الهياج سنداً ودلالة ، فغاية ما يدلّ عليه هو تخريب القبر ومساواته بالأرض ، ولا يدلّ على هدم البناء الواقع عليه ، فتخريب القباب المشيّدة التي هي مظاهر الودّ لأصحابها استناداً إلى هذا الحديث عجيب جدّاً.
٣ ـ إنّ الصحابة دفنوا النبيّ الأكرم في بيته من أوّل يوم ، وقد وصّى الخليفتان بأنْ يُدفنا تحت البناء جنب النبيّ الأكرم تبرّكاً بالقبر وصاحبه ، فلو كان البناء على القبور أمراً محرّماً ومن مظاهر الشرك ، فلما ذا وارت الصحابة جثمانه الطاهر صلىاللهعليهوآله تحت البناء؟ ولما ذا أوصى الخليفتان
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٤٢.