الأحبار ، ذلك الحبر اليهودي الذي أدخل الإسرائيليّات في السنن والأحاديث ، روى ابن كثير قال : قال كعب الأحبار : مكتوب في التوراة أنّ بيوتي في الأرض المساجد (١) ، ولو صحّ أنّ ابن عباس أخذه عن كعب الأحبار كما يدّعيه علماء الرجال في ترجمة كعب الأحبار فلعلّه أخذ منه ، ومرويّات كعب إسرائيليّات لا يصحّ الاحتجاج بها.
غير أنّه ما تضافر عن النبي الأكرم خلاف ذلك ، حيث قال : «جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (٢) ، فإذا كان جميع الأرض مسجداً لله تبارك وتعالى فيكون جميعها معبداً ومسجداً.
٨ ـ وربّما يتصوّر أنّ ذيل الآية الذي جاء فيه قوله (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قرينة على أنّ المراد من البيوت هي المساجد ، ولكنّه غَفِلَ عن أنّ شأن بيوت الأنبياء والأولياء والصالحين ، شأن المساجد ، فهم فيها بين قائم وراكع وساجد وذاكر.
وقد اعتنى النبيّ الأكرم بشأن البيوت ، فقد عقد مسلم باباً في صحيحه لاستحباب إقامة الصلاة النافلة في البيت وروى فيه الروايات التالية :
أ ـ عن ابن عمر عن النبيّ (ص) : «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتّخذوها قبوراً».
ب ـ عن ابن عمر عن النبي (ص) : «صلّوا في بيوتكم ولا
__________________
(١) ابن كثير ، التفسير ٣ : ٢٩٢.
(٢) البخاري ، الصحيح ١ : ٩١ كتاب التيمم ، ح ٢ ؛ البيهقي ، السنن : ٤٣٣ باب أينما أدركتك الصلاة فصلّ فهو مسجد.